للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى الأعمال العمرانية، بينما كان الحكام في الأندلس بحاجة إلى جيش قوي على قدم الاستعداد دائما، ولذلك ابتعد الأندلسيين عن الحرب، مما حدا بالخلفاء إلى اتخاذ جيش من العبيد والمرتزقة.

٥

- وقبل ان تنمو قرطبة نموا بالغا في أيام عبد الرحمن الناصر ومن بعده كان المظهر الغالب على حياة المدن الأندلسية هو الطابع الريفي. ومن مظاهر هذه الحياة الريفية: البساطة والخشونة والطيبة وعدم التصنع في المعاملات بين الناس، والنبر بالألقاب من الجهد اليدوي والزراعي، وكان الكسب الحلال من الزراعة يجتذب إليه كثيرا من العلماء والأتقياء، ولذلك كثيرا ما نرى المحدثين والفقهاء في هذه الفترة يؤثرون حياة القرية، وكان من شأن الخلفاء ان يرسلوا في القرى من يستطلع أحوال الناس ويكشف عن أهل العلم والخير منهم، فإذا احتاجوا إلى رجل في بعض المناصب أرسلوا في طلبه (١) . فمثلا أرسل هشام ابن عبد الرحمن في طلب مصعب بن عمران أحد الفقهاء الأتقياء ليوليه القضاء فوجده الرسول في ضيعته يعين زوجته على عمل الوشائع وهي تنسج في منسج لها (٢) . وكان محمد بن سلمة الذي أصبح قاضيا في قرطبة متنزها عن الناس ملتزما للبادية (٣) . وكان طلاب الحديث إذا سمعوا بهذا النوع من العلماء رحلوا إليه في قريته ليسمعوا منه ويكتبوا عنه؟ كان احمد بن هشام القرطبي المحدث مستوطنا قرية اختبانة من عمل قبرة فكان طلاب الحديث أمثال ابن بشكوال والفرضي وابن المصعب يسافرون إليه لأخذ الحديث عنه (٤) . وحكى أحدهم انه كان يختلف


(١) قضاة قرطبة: ٣٩.
(٢) قضاة قرطبة: ٤٣.
(٣) قضاة قرطبة: ١٣٩.
(٤) الصلة: ١٩.

<<  <   >  >>