للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مع أصحابه إلى إبراهيم بن محمد بن باز إلى المنية فيقرأون عليه وهو يزرع والقفيفة في ذراعه (١) . وكان بعض علماء اللغة كالهواري وخصيب يسكن الأرياف، ويرسل الخلفاء لهؤلاء المبتدين يسألونهم في اللغة أو في شيء من أمور العلم والدين (٢) .

٦

- وتميزت الحياة الاجتماعية في هذا المجتمع منذ البدء بالفهم الصحيح للمسؤولية الاقتصادية وتقدير الكسب في موازنة الدخل والخرج، على نحو قد يعده المشارقة بخلا. ولكن هذا الوعي الجيد قد حمى البيئة الأندلسية من الكدية، لسقوط الاتكال في نظرهم، كما أبعد عنهم الإغراق في التصوف الاتكالي أو استحداث الدويرات والتكايا. نعم أنشأ الحكم المستنصر دارا سماها دار الصدقة، ولكن يبدو ان التعرض للصدقات في الأندلس كان قاصرا على كل محتاج معذور. أما القادر على الكسب فكان يتجه إلى حرفة تكفيه وتعينه على الحياة. ولذلك انتعشت روح التعاون هنالك. وهذه هي الروح التي يمثلها ابن الكتاني أستاذ ابن حزم حين كان يقول لتلامذته: " ان من العجب من يبقى في هذا العالم دون معاونة لنوعه على مصلحة. أما يرى الحراث يحرث له، والطحان يطحن له، والنساج ينسج له، والخياط يخيط له، والجزار يجزر له، والبناء يبني له، وسائر الناس كل متول شغلا له فيه مصلحة به إليه ضرورة، أفما يستحي أن يكون عيالا على كل العالم، لا يعين هو أيضاً من المصلحة؟ " (٣) . ويعلق ابن حزم على هذا بقوله: " ولقد صدق ولعمري أن في كلامه من الحكم لما يستثير الهمم الساكنة


(١) الصلة: ٣٣.
(٢) الزبيدي: ٢٨١ والصلة: ٣٤.
(٣) رسائل ابن حزم: ٨٣.

<<  <   >  >>