للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى ما هيئت له، وأي كلام في نوع هذا أحسن من كلامه في تعاون الناس " (١) . ولذلك الأندلسيون يبعدون عن كثير من الأمور التي يصبغها المشارقة بلون مثالي. خذ مثلا حال المؤدب وأخذه للأجر المسمى " الحذقة " فقد كان المشارقة يختلفون حول أخذ الأجر على التعليم، أما في الأندلس فلم يقفوا عند المسألة، لأن المؤدب كان يرى ان التعليم وسيلة من وسائل العيش، يكفيه الاعتماد على بدوات الكرماء أو تقلبات الظروف (٢) .

٧

- وفي ظل هذا المجتمع كانت المرأة الأندلسية واسعة النفوذ بقسط كبير من الحرية. ولا تقل المرأة الأندلسية عن المشرقية في مدى النفوذ السياسي، فكانت " عجب " ذات سلطان واسع في أيام هشام ابن عبد الرحمن وظلت تسيطر كثيرا في أيام عبد الرحمن ابنه، وكان لطروب جارية عبد الرحمن ادلال كثيرة عليه ولكنا لا ندري مدى أثرها في الحياة السياسية. وقد نقم الناس على القاضي محمد بن زياد خضوعه لامرأته كفات (٣) ، لا لأن هذا الخضوع كان مستهجنا في حد ذاته، بل لأن القاضي يجب ان يكون فوق هذا المستوى. وفي أيام عبد الرحمن الناصر كانت رسيس مقربة إليه حتى انه جعلها تخرج معه في موكبه وهي لبس قلنسوة وتتقلد سيفا، وشق قرطبة على هذه الحال حتى بلغ الزهراء (٤) ولا ننس ما كان لصبح من النفوذ في أيام الحكم وفي عهد ابن أبي عامر.


(١) رسائل ابن حزم: ٨٣.
(٢) الزبيدي: ٢٧٨.
(٣) قضاة قرطبة: ٩١.
(٤) نقط العروس: ٧٣ - ٧٤.

<<  <   >  >>