للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتولت المرأة المناصب أيضاً. فكانت لبنى كاتبة للخليفة الحكم بن عبد الرحمن وهي نحوية شاعرة بصيرة بالحساب عروضية خطاطة (١) . وكانت كزنة كاتبة الخليفة الناصر لدين الله حاذقة في الخط (٢) . وشارك بعضهن في رواية الحديث فكانت غالبة بنت محمد المعلمة تروي الحديث، وكذلك كانت فاطمة، وشارك أخريات في الشعر: ومنهن عائشة بنت احمد بن محمد ابن قادم القرطبية وكانت تمدح ملوك زمانها وتخاطبهم بما يعرض لها من حاجاتها، وقد جمعت لنفسها مكتبة قيمة. وصفية بنت عبد الله الربي ومريم بنت أبي يعقوب الفيصولي، والغسانية الشاعرة التي كانت تمدح الملوك، وعارضت ابن دراج في إحدى قصائده حين مدحت خيران العامري (٣) .

ولعل هذه المكانة التي بلغتها المرأة هي التي نبهت الأندلسيين إلى التساؤل حول علاقة المرأة بالنبوة وأوقعت الجدل بين الفقهاء القرطبيين في هذه المسألة. وكان من اوائل الذين أثاروا القول في هذه المسألة محمد بن موهب القبر يجد أبي الوليد الباجي لأمه، في الأيام العامرية، فشنع الناس عليه في ذلك (٤) . وقال ابن حزم في الإشارة إلى الجدل حول هذه المشكلة: " هذا فصل لا نعلمه حدث التنازع العظيم فيه إلا عندنا بقرطبة، وفي زماننا، فان طائفة ذهبت إلى إبطال كون النبوة بالنساء جملة، وبدعت من قال ذلك وذهبت طائفة إلى القول بأنه قد كانت في النساء نبوة وذهبت طائفة إلى التوقف في ذلك " (٥) . وقد أبى ابن حزم نفسه أن يقبل إطلاق الحديث القائل بنقص الدين والعقل في المرأة، في كل الأحوال، وقصره على نقصان حظها في الشهادة وعند الحيض (٦) " إذ


(١) الصلة: ٦٥٣.
(٢) الصلة: ٦٥٣.
(٣) الصلة " ٦٥٣ - ٦٥٨، والجذوة: ٣٨٨، وما بعدها.
(٤) الجذوة: ٨٥.
(٥) الفصل ٥: ١٧.
(٦) الفصل ٤: ١٣١.

<<  <   >  >>