وغيرها. ومن أعلام الذين قتلوا أبو الوليد الفرضي صاحب كتاب " تاريخ العلماء والرواة للعلم بالأندلس ". واضطربت موازين الأمور فاخملت الفتنة كثيرا من المشهورين ورفعت كثيرا من المغمورين، وقد أرخ ابن حيان هذه الناحية بتفصيل مثلما أرخ الفتنة كلها، وان كانت قد منعته في أثنائها من الاستمرار فعطل كتابه التاريخ إلى ان مضى صدر منها. وهو يخبرنا انه أصيب في رقعة قنتيش نيف على ستين من المؤدبين خاصة " أعريت سقافهم في غداة واحدة منهم، وتعطل صبيانهم "(١) ؟ وربما كانت بشاعة الفتنة ترجع إلى التفصيل الشديد الذي سجله مؤرخ الأندلس لاحدائها. على أنها كانت حدثا جللا في نفوس الناس يومئذ؟ لقضائها على عمران قرطبة أولا ثم لقضائها على ما ألفه الناس من أمر الخلافة الأموية.
أثر الفتنة في النهضة العلمية والأدبية
وقد هزت الفتنة قواعد النهضة العلمية الأدبية التي ازدهرت على عهد المستنصر والمنصور، ولكن هذا لم يلبث طويلا، بل استعاد الناس ثقتهم في أنفسهم واقبلوا على الإنتاج. ومن الضار النافع ان تكون الفتنة سببا في بيع الكتب التي كانت بقرطبة وبخاصة ما كان منها في مكتبة الحكم، وكان بيعها سببا في تسهيل انتشار العلوم، وفيها عثر طلاب العلم على كتب لم يكونوا يستطيعون الحصول عليها، وكان ذلك عاملا في انتعاش الحركة العلمية، والفلسفية على وجه الخصوص. وعرضت مكتبات أخرى للبيع، منها مكتبة الإمام ابن فطيس، وكان قد جمع من الكتب في أنواع العلم ما لم يجمعه أحد من أهل عصره بالأندلس وقيل أن كتبه بقيت تباع مدة عام كامل في مسجده وان ثمنها بلغ أربعين ألف دينار قاسمية. وليس هذا كثيرا على رجل كان قد وظف ستة وراقين ينسخون له دائما