للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وان لا يأخذه بجريرة ظروفه القاسية (١) :

أثرني لخطب الدهر، والدهر معضل ... وكلني لليث الغاب وهو هصور

فقد تخفض الأسماء وهي سواكن ... ويعمل في الفعل الصحيح ضمير

وتنبو الردينيات والطول وافر ... ويبعد وقع السهم وهو قصير وفي هذه التلميحات ما يشير إلى ان سكونه قد يجر عليه الانخفاض، فهو يريد استثارة ودفعا، وثقة تجعله يقابل الدهر ويقتل الليث، وهو أيضا يشبه نفسه بالسهم القصير، الذي إذا استغله صاحبه واحسن استغلاله أبعد وقعه وأثره حيث تعجز الردينيات الطويلة، ومرة أخرى تستوقفنا هذه التلميحات: أهي تدل على عجز جسماني؟ أم هي تدل على مجرد حالة نفسية؟ أم هي حكمة ليس لها مدلول وراءها اكثر منها؟

وينتظم في هذا السلك قصيدة لا ندري في من قالها، ولكن ما يزال يتحدث فيها عن الرضى، ويعلن عن ارتياحه إليه (٢) :

وشملتني بشمائل أذكرتني ... في طيبها طوبى وحسن مآب

ورضاك رد لي الرضى في أوجه ... من جوز أيام علي غضاب

وهداك أشرق لي وليلي مظلم ... وسناك أبرق لي وزندي كابي وان لم يكن من المستبعد ان تصور نفسيته بعد الفتنة، فان كانت مما انتجه قبلها فانها تضيف إلى الحاحه على فكرة " الرضى " الحاحا جديدا، وتعزز ما يمكن ان نستشفه من نفسيته، وهي نفسية رجل لم تنضج ذاته، فهو دائما إلى شبه الخوف من تغير صاحبه عليه، شديد الظن كثير التحسب، يعتمد كثيرا على معاني القسمات وملامح الوجه في تقدير العلاقة بينه وبين رؤسائه.

وإذا عدينا عن هذا القلق النفسي الذي نجهل دواعيه وجدناه ما يزال مقربا إلى سيف الدولة المظفر بن المنصور، يمدحه، فمن قصائده فيه


(١) اليتيمة ١: ٤٤٨ والذخيرة ١/١: ٦٦ والنفح ٢: ٨٠٠
(٢) اليتيمة ١: ٤٤٩

<<  <   >  >>