للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إلى أبي الأصبغ فقرة وحاجته إلى مركب، مع أن الركبان إنما يحقبون غرائب شعره، وينتقلون بدائعه على شرابهم ولا شراب له، ويستغيئه بقوله:

أبا الأصبغ المعني هل أنت مصرخي ... وهل أنت لي مغن وهل أنت لي معلي وقد قتل هذا الوزير في أيام عبد الملك المظفر، لأنه فيما يقول، اخذ يميل إلى الأموية على العامرية، ومن المواقف المؤسفة ان يجد ابن دراج نفسه مهنئا المظفر بالتخلص من وزيره عيسى بن سعيد، في قصيدة له مطلعها (١) :

شكرا لمن أعطاك ما أعطاكا ... ملك أذل لملكك الأملاكا حتى إذا هبت ريح الفتنة على قرطبة وعصفت بدورها وقصورها وشردت أدباءها وعلماءها، وقضت بالموت على فريق منهم، بقي ابن دراج مع فريق الشعراء الذين " نسجت على أفواههم ومحاريبهم العناكب " كما يقول ابن حيان، فقيرا معدما منكوبا، معيلا كبيرا المسؤولية تجاه الأهل والأولاد، حائرا مبلسا في امره، ولقد ظن ان انتصار المستعين يحقق له عودة الحياة الطيبة التي كان يحياها في ظل العامريين، فما كاد المستعين يدخل قرطبة حتى خف إليه ابن دراج، يهنئه بالملك بل يهنيء الملك به، ويشمت بالمهدي ويسميه قعيد الخزي (٢) :

هنيئا لهذا الملك روح وريحان ... وللدين والدنيا أمان وإيمان

فأن قعيد الخزي قد ثل عرشه ... وإن أمير المؤمنين سليمان ودخل عليه أول مجلس له بالقصر فأنشده (٣) :

شهدت لك الأيام انك عيدها ... لك حن موحشها وآب بعيدها

وأضاء مظلمها وأفرخ روعها ... وأطاع عاصيها ولان شديدها


(١) ابن عذاري ٣: ٢٥
(٢) أعمال الأعلام: ١٢٣ والذخيرة ١/١: ٣٥
(٣) الذخيرة ١/١: ٥١

<<  <   >  >>