للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأطنب في وصف المعارك التي انتصر فيها، وفي وصف رجال حربه، وباء من سليمان بالاخفاق، فان سليمان كان مشغولا عن الشعر والشعراء، لم يجبر لهم عثرة، ولا عطف عليهم بنظرة، فعزم ابن دراج على الرحيل في طلب الرزق، وكتب في ذلك سليمان يستأذنه (١) :

" حاشا لله ان استشف الحسي قبل جمومه، واستكره الدر قبل حفوله، أو أتعامى عن سراج المعذرة، وارغب عن ادب الله في نظرة إلى ميسرة، ولكن:

" ماذا تقول لأفراخٍ بذي مرخ ... حمر الحواصل لا ماء ولا شجر "

ما أوضح العقد لي لو أنهم عذروا ... وأجمل الصبر بي لو أنهم صبروا

لكنهم صغروا عن أزمة كبرت ... فما اعتذاري عمن عذره الصغر وقد قلبت لهم الأمور، وميزت بين المعسور والميسور، فما وجدت احسن بدءا ولا احمد عودا مما أذن الله فيه لعباده الذين اعمرهم أرضه وسخر لهم بره وبحره، أن يمشوا في مناكبها ويأكلوا من رزقه، وحيث نتقلب ففي كرمك وأين نأمن ففي حرمك ".

وليس ببعيد ان يكون قد كتب هذه الرسالة إلى المستعين ليذكره بنفسه، رجاء ان يجد لديه ما يعوضه الرحلة والمشي في مناكب الأرض، ولكن النتيجة تدل على ان المستعين لم يلتفت إليه، وهنا تبدأ سلسلة من التجوال وقرع الأبواب، والوقوف على الأمراء الذين اقتسموا الأندلس بعد الفتنة، قال ابن حيان " فاستقرى ملوكها أجمعين ما بين الجزيرة الخضراء فسرقسطة من الثغر الأعلى يهز كلا بمدحه ويستعينهم على نكبته وليس منهم من يصغي له ولا يحفظ ما أضيع من حقه وأرخص من علقه " (٢) .

١ - فأول من قصد منهم خيران العامري صاحب المرية، ومدحه


(١) الذخيرة ١/١: ٤٦
(٢) الذخيرة ١/١: ٤٤

<<  <   >  >>