للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويحاول أن يقنع نفسه، كما بشرها حين وفد على خيران، بان الأمل لا بعد متحقق ببلنسية، ولكن ارتحاله عنهما إلى غيرهما يدل على ان الحفاروة التي لقيها لم تكن لترضيه بالبقاء.

٤ - ويبدو انه عاد في بعض تلك الأيام إلى قرطبة، مجددا العهد بها، لعله يجد عند ابن حمود صاحبها الجديد ما يغنيه عن الضرب في الارض وربما زاره قبل زيارته لمبارك ومظفر، ومدحه بقصيدة مطلعها (١) :

لعلك يا شمس عند الأصيل ... شجيت لشجو الغريب الذليل وذكر ابن حمود بما لقيته قرطبة من عناء وشدة:

ومن دوننا آنسات الديار ... نهاب الحمى موحشات الطلول

مغاني السرور لبسن الحداد ... على لابسات ثياب الذهول

خطيبات خطب النوى والمهور ... مهارى عليها رحال الرحيل

فمن حرة جليت بالجلاء ... وعذراء نصت بنص الذميل

ولا حلي إلا جمان الدموع ... تسيل على كل خد أسيل ثم أطنب في مدح ابن حمود، وخاصة بنسبه العلوي.

٥ - واخيرا استقر به المطاف عند منذر بن يحيى صاحب سرقسطة الملقب بذي الرياستين وبشر نفسه في رحابه بانتهاء عهد الفقر والتعاسة، ولدينا من قصائده في منذر اربع قصائد، الأولى (٢) :

بشراك من طول الترحل والسرى ... صبح بروح السفر لاح فأسفرا وفيها تعرض لذكر أبنائه وللصعوبات الجمة التي لقيها قبل أن يصل إلى منذر:

فلئن صفا ماء الحياء لديك لي ... فبما شرقت إليك بالماء الصرى

ولئن خلعت علي بردا اخضرا ... فلقد لبست إليك عيشا أغبرا

ولئن مددت علي ظلا باردا ... فلكم صليت إليك حرا مسعرا


(١) الذخيرة ١/١: ٧٠ وابن عذاري ٣: ١٢٤
(٢) اعمال الاعلام: ١٩٨

<<  <   >  >>