للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

جاءه، وتلك حال من الانهيار النفسي الذي تلمح بذوره في المرحلة الأولى ولكنه لم يكن ليحقق سريعا لولا اجتماع النكبة والشيخوخة معا.

ويبدو من السياق العام لشعره انه كان جادا في اكثر شئونه، محبا لأطفاله، قيما بالمسؤلية العائلية، مترفعا عن كثير من صغائر الأمور وتوافه المشاغل، أرسل إليه أحد الأدباء لغزا وسأله ان يفسره فلم يتعب فكره في ذلك بل كتب إلى السائل على ظهر رقعته بديهة (١) :

إذا شذت عن العرب المعاني ... فليس إلى تعرفها سبيل واستنشد المطرف المرواني بعض شعر له يقول فيه:

إلى ان دهاني إذ أمنت غروره ... سفاها، وأداني لما ليس يذكر فأعجب بالشعر، إلا انه انتقد عليه قوله: " وأداني لما ليس يذكر " لأنه وجد في هذا التعبير إيحاءات غير مستساغة، فاغتاظ الأموي منه وقال له: يا أبا عمر من اين جرت العادة بان تمزح معي في هذا الشأن؟ فتراجع أبو عمر وسكن غضبته بان قال: حلم بني مروان يحملنا على ان نخرق العادة في الحمل على مكارمهم (٢) . وشعره وكتابته يدلان على انه كان ذا حظ طيب من الثقافة وسعة الاطلاع.

آراء النقاد في شعره

نال كثيرا من تقدير الأندلسيين وغيرهم، فقال فيه ابن حزم: " لو قلت انه لم يكن بالأندلس أشعر من ابن دراج لم ابعد " وقال مرة أخرى " لو لم يكن لنا من فحول الشعراء إلا احمد ابن دراج لما تأخر عن شأو حبيب والمتنبي (٣) " وعده ابن حيان " سباق حلبة الشعراء


(١) الجذوة: ١٠٥
(٢) النفح ٢: ٨٥٦ - ٨٥٧
(٣) الجذوة: ١٠٥ - ١٠٦

<<  <   >  >>