للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وعنده بلغت آخر الشوط في تطورها، وتعقدها والتوائها لأنه جمع بين أبي تمام والمتنبي، وحاول أن يبذ كل من تقدمه، في المعاني والصياغة، مازجا كل ذلك بجلبة ابن هانيء، مطيلا اطالة ابن الرومي، معتمدا في اكثر شعره على الكد والمصابرة والنحت، ولقد أصاب ابن شهيد من بين النقاد الذين تقدمت الإشارة إليهم في النص على أكثر مميزاته حين وصفه:

أ - بشدة الأسر في الشعر والصبر على حوك الكلام.

ب - بالاقتدار على البديع إذا قورن بمن تقدمه من الأندلسيين.

ج - بطول النفس في قصائده وبخاصة في الوصف.

د - بتعقب المعاني والتلاعب بها وترديدها.

هـ؟ - بالغموض؟ نتيجة لذلك - حتى تنبهر أنفاس القارئ وهو يحاول فهم شعره وإدراك حدوده ومعانيه. ونسي ابن شهيد انه يتميز بقريحة تعتمد المقايسة، لأنه يكون على خير أحواله في الشعر إذا هو عارض غيره، إلا أن في أبحره ثقلا كثيرا وفي كثير من قوافيه شذوذ عن طبيعة الموضوع، وعن الموسيقى العامة، ولقد عارض صاعدا والمتنبي وأبا نواس، ولكن شعره يظهر انه كان يقيس على امثلة من أشعار غيره، ثم يطنب في استغلال هذه المقايسة ويبالغ ليظهر تفرده، فبسمع المتنبي مثلا يقول:

أريقك أم ماء الغمامة أم خمر ... فيطلع بقصيدة على هذا التشكيك ويكثر من ذلك.. فيقول:

أنورك أم أوقدت بالليل نارك ... لباغي قراك أم لباغي جوارك

ورياك أم عرف المجامر اشتعلت ... بعود الكباء والألوة نازك

ومبسمك الوضاح أم ضوء بارق ... حداه دعائي أن يجود ديارك

وطرة صبح ام جبينك سافرا ... اعرت الصباح نوره أم أعارك

وأنت أجرت الليل إذ هزم الضحى ... كتائبه والصبح لما استجارك

<<  <   >  >>