فللصبح فيما بين قرطيك مطلع ... وقد سكن الليل البهيم خمارك
فيا لنهار لا يغيظ ظلامه ... ويا لظلام لا يغيظ نهارك
ونجم الثريا أم لآل تقسمت ... يمينك إذ ضمنتها أم يسارك ولعله ان لا يكون ناظرا في هذا إلى المتنبي، فانه يحب شعر ابن هانيء الأندلسي في قوله:
فتكات لحظك أم سيوف أبيك ... وكؤوس خمر أم مراشف فيك حتى لتجده ناظرا إلى هذه القصيدة نفسها حين يقول (١) :
ان كان واديك ممنوعا فموعدنا ... وادي الكرى فلعلي فيه ألقاك فهذا من قول ابن هانيء:
عيناك أم مغناك موعدنا وفي ... وادي الكرى تلقاك أم واديك بل لعله ان يكون متأثرا لا بالمتنبي ولا بابن هانيء، فهذه الطريقة من التمويه التشكيكي موجودة عند كثير من الشعراء، والمهم أن ابن دراج إذا جرى فيها ابعد الغاية، وأسهب، وقد أطلت الاقتباسة من القصيدة المتقدمة لدلالتها على هذا الإسهاب، ولدلالتها على شيء آخر من شعر ابن دراج وهو تعلقه بالصورة الواحدة مسافة طويلة في شعره، وإلحاحه على جوانبها بشدة فترى الصورة في الأبيات السابقة هي النار أو النور وما يكتنف ذلك من ليل، وتستمر هذه الصورة في كل الأبيات المتقدمة دون ملل، وهذا ان دل في هذا المقام على شيء فإنما يدل على الاسترسال وحب الاطالة، لا على تحقيق وحدة ما، أو على شغف بالصورة نفسها، ولكن كلما وجد ابن دراج سبيلا لكي يمد في عمر المعنى؟ وفي عمر الصورة تبعا لذلك - فانه لا يتردد عن أن يسلكه، وهذا شيء ينتظم شعره ونثره، ويخرج أحيانا إلى حد الإملال، فمن ذلك انه قد يشبه أبناءه بيوسف واخوته والأحد عشر كوكبا فيسترسل