للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مستخرجا كل الملابسات التي تليق بالموضوع من قصة يوسف واخوته، فيقول (١) :

أخو ظمأ يمص حشاه سبع ... وأربعة وكلهم ظماء

كأنجم يوسف عددا ولكن ... برؤيا هذه برح الخفاء

خطوب خاطبتهم من دواه ... يموت الحزم فيها والدهاء

وكلهم كيوسف إذ فداه ... من القتل التغرب والجلاء

وان سجن حواه فكم حواهم ... بطون الفلك والقفر القواء

وان أقوت مغاني العز منهم ... فكم عمرت بهم بئر خلاء فانظر إليه كيف استخرج من قصة يوسف كل ما ينطبق على بنيه أو وجه المعاني التي في قصة يوسف، ليمنحها لهم، فذكر انهم أحد عشر كأنجم يوسف، وكل واحد فيهم هو يوسف الذي نجته الغربة من القتل، وإذا كان يوسف قد سجن فكل واحد فيهم قد مر في سجن السفينة أو وجد في القفر سجنا، وكل واحد منهم لجأ إلى بئر خلاء بعد مغاني العز الواسعة، وهذا تشقيق للمعنى وإسهاب فيه، والأصل فيه التوليد المصاحب للمعنى النثري، وابن دراج بدأ كاتبا وانتهى كاتبا شاعرا، غير انه يبني شعره على النهج الفكري في النثر، ويحاول ان يوشحه بالبديع والقوة اللفظية.

وتسيطر على ابن دراج الصور الحربية في نثره وشعره، وإذا اخذ في هذا النوع من الصور أسرف فيه كثيرا، وإذا تذكرنا انه صرح بعجزه أحيانا عن المشاركة في الحرب عرفنا في شغفه بالصور الحربية نوعا من التعويض، فمن ذلك في شعره:


(١) ١/١: ٦٧

<<  <   >  >>