أوجفت خيلي في الهوى وركابي ... وقذفت نبلي في الصبا وحرابي
وسللت في سبل الغواية صارما ... عضبا ترقرق فيه ماء شبابي
ورفعت للشوق المبرح راية ... خفاقة بهزائج الأطراب
ولبست للوام لأمة خالع ... مسرودة بصبابة وتصابي
وبرزت للشكوى بشكة معلم ... نكص الملام بها على الأعقاب
فاسأل كمي الوجد كيف أثرته ... بغروب دمع صائب التساكب
واسأل جنود العذل كيف لقيتها ... في جحفل البرحاء والأوصاب
ولقد كررت على الملام بزفرة ... ذهل العتاب بها عن الأعتاب
حتى تركت العاذلين لما بهم ... شغفا بحب التاركي لما بي
من كل ممنوع اللقاء اغتاله ... صرف النوى فنأى به ودنا بي
حتى افتتحت عن الأحبة معقلا ... وعر المسالك مقفل الأبواب
ووقفت موقف عاشق حلت له ... فيه غنيمة كاعب وكعاب وكل ذلك تلحظ أدوات القتال وفنون الحرب، حتى يصل الشاعر إلى الغنيمة، وهكذا تحول بمنظر الحب إلى منظر الموقعة الحربية، وازجى فيه من الصور ما شاء. وجمع إلى هذا كله في طريقته الشعرية فنون البديع فأكثر في هذا الموقف من الجناس " لبست للوام لأمة "؟ برزت للشكوى بشكة "، وهو في غير هذا الموطن شديد الغرام بالمطابقات، وأحيانا بالإشارات على مثال أبي تمام في كثرة إشاراته التاريخية، كقوله:
وما شكر النخعي شكري ولا وفى ... وفائي؟ إذ عز الوفاء - قصير وكالإشارات الكثيرة في قصيدته الرائية التي مدح بها صاحب سرقسطة منذر بن يحيى، ومنها:
وأصبت في سبأ مورث ملكها ... يسبي الملوك ولا يدب لها الضرا
والحارث الجفني ممنوع الحمى ... بالخيل والآساد، مبذول القرى
وحططت رحلي بين ناري حاتم ... أيام يقري موسرا أو معسرا