للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن عبد الرحمن المعروف بشبطون لأنه أول من أدخل الموطأ إلى بلده (١) ومن قائل ان الغازي بن قيس دخل الأندلس بالموطأ في أيام عبد الرحمن (٢) وفي ذلك الزمان رحل جماعة من أمثال شبطون كقرعوس بن العباس وعيس بن دينار وسعيد بن أبي هند وغيرهم ممن رحل إلى الحج في أيام هشام ابن عبد الرحمن فلما رجعوا وصفوا من فضل مالك وسعة علمه وجلالة قدره ما عظم به صيته بالأندلس فانتشر فيها رأيه وعلمه (٣) . وانتشر الفقهاء ببلاد الأندلس على مذهب مالك وكان بالبيرة سبعة سمعوا كلهم من سحنون في زمان واحد (٤) ، وأصبح الفقهاء يدورون حول المدونة وكتاب آخر ألفه العتبي الأندلسي ويسمى العتبية أو " المستخرجة "، وضاقت الدائرة فأصبحوا يكرهون الحديث مع أن الحديث أصل في مذهب أستاذهم إلا أنهم شغلوا بالتفريعات والرأي، وكان أكثرهم لا يتجاوز رأي مالك وابن القاسم أو أشهب، وأخذ بعضهم يتنقصون أهل الحديث. وبمثل بقي مخلد التحول إلى الحديث حينئذ فقد ملأ الأندلس حديثا ورواية وانفرد بإدخال مصنف ابن أبي شيبة وكتاب الفقه للشافعي وغير ذلك فأنكر عليه أصحابه الأندلسيون ما أدخله من كتاب الاختلاف وغرائب الحديث وأغروا السلطان به. غير أن السلطان أيده في موقفه، ومن روايته انتشر الحديث بالأندلس. ثم تلاه ابن وضاح فصارت الأندلس دار حديث وإسناد (٥) ونشأ بها حفاظ مقدمون منهم خالد بن سعد القرطبي الذي كان المستنصر يقول فيه إذا فاخرنا أهل المشرق بيحيى بن معين فاخرناهم بخالد بن سعد (٦) .


(١) النفح ١: ٣٤٩
(٢) ابن القوطية: ٣٤
(٣) النفح ١: ٣٥٠
(٤) ابن الفرضي ١: ١٣٩
(٥) ابن الفرضي ١ ١٠٨، ١٠٩
(٦) ابن الفرضي ١: ١٥٤ - ١٥٥

<<  <   >  >>