للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتمذهب بعض الأندلسيين بمذهب الشافعي وبعضهم بمذهب داود الظاهري، وجاء المذهب الخارجي مع بعض المهاجرين من أفريقية وكان النكارية هم الغالبين على خوارج الأندلس (١) وعرف الاعتزال ومن أوائل القائلين به احمد بن موسى بن حدير السكة الذي كان يقول: ان الله عاقل (٢) ، وكان ابن مسرة يخلط مذهبه بآراء المعتزلة ويقول بالقدر، كما كان منذر بن سعيد يتهم بالميل إلى هذا المذهب، وكان حكم ابنه رأس المعتزلة بالأندلس وكبيرهم وأستاذهم ومتكلمهم وناسكهم (٣) . وقد واجه فقهاء الأندلس هذا المذهب باستنكار شديد ولما مات خليل بن عبد الله بن كليب وكان مشهورا بالقدر لا يتيسر به أتى أبو مروان بن عيسى وجماعة من الفقهاء واخرجوا كتبه وأحرقت بالنار الا ما كان فيها من كتب المسائل (٤) .

وكذلك كان منهم من اتبع المذهب الأشعري ومن زعماء هذا المذهب أبو الوليد الباجي الذي ناظر ابن حزم؟ كل هذه المذاهب لم تكن تنافس مذهب مالك حتى قام ابن حزم يناوئ المذاهب جميعا وينشر بالظاهر. غير ان الأندلسيين من وجهة عامة كانوا يعادون كل جديد عليهم حتى انهم ثاروا على بقي بن مخلد؟ كما تقدم - ونسبوه إلى البدعة ورموه بالإلحاد والزندقه وخاطبوا الأمير محمدا في شأنه، واضطر بقي إلى أن يتيسر خوفا على دمه (٥) . ووسم الفقهاء الأندلسيون كل من درس الفلسفة والمنطق وكتاب المجسطي بالزندقة وحرضوا عليه العامة. وتعقبوا أهل القدر من اتباع ابن مسرة واحرقوا كتبهم واستتابوهم وقد أراد ابن حزم؟ وهو الفقيه العالم - ان يحطم الحاجز القائم دون دراسة


(١) الفصل ٤: ١٩١.
(٢) الفصل ٤: ٢٠٢.
(٣) طوق الحمامة: ٤٥.
(٤) ابن الفرضي ١: ١٦٥.
(٥) ابن عذاري ٢: ١٦٣.

<<  <   >  >>