للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

صديقه القديم، فدفعت الحاجة بابن شهي ان يقصده ثم انصرف؟ كما يقول - " بين الحالتين، لا قرب ولا شحط ولا رضى ولا سخط " (١) وهو موقف أشبه بخيبة الأمل منه بفوز الرجاء.

ومع ان أبا عامر يقول: " فما سقطنا على سوقة يهش إلينا، ولا دفعنا إلى ملك يصبو بنا "، فانه أحرق قسما من جهوده الفنية بخورا على أعتاب المستولين على قرطبة، فمدح المستعين لما تم له الأمر بقصيدة مطلعها:

بكى أسفا للبين يوم التفرق ... وقد هون التوديع بعض الذي لقي وهي قصيدة لم يبق منها الا مقدمتها الغزلية، ولما اصبح أمر قرطبة في يد بني حمود (٤٠٧) ، وصل أبو عامر بهم أسبابه، غير أنه " دبت إليه عقارب، برئت منها أباعد وأقارب، واجهه بها صرف قطوب وانبرت إليه منه خطوب؟ وأقام مرتهنا ولقي وهنا " (٢) وفقد ماله في تلك الأيام فكتب إلى ابن حمود رسالة في صفة السجن والمسجون (٣) وألحق بها قصيدة يمكن ان يستنتج منها انه كان يعاني الضيق الشديد من الفقر والانحباس في السجن، إذ يقول:

فراق وسجن واشتياق وذلة ... وجبار حفاظ على عتيد

فمن مبلغ الفتيان أني بعدهم ... مقيم بدار الظالمين وحيد

مقيم بدار ساكنوها من الأذى ... قيام على جمر الحمام قعود

ويسمع للجنان في جنباتها ... بسيط كترجيع الصبا ونشيد ثم يستعطف المعتلي بن حمود صاحب مالقة واشبيلية بقوله:

وراضت صعابي سطوة علوية ... لها بارق نحو الندى ورعود

تقول التي من بيتها مركبي: ... أقربك دان أم نواك بعيد


(١) الذخيرة ١/١: ١٩٢ وما بعدها
(٢) المطمح: ٢٠
(٣) اعتاب الكتاب: ٧٤

<<  <   >  >>