للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ابن حزم ثم اصبح جليا لهشام المعتد (١) ، وقد زها مرة حين تفوق في تلك المجالس على أصحابه أنفسهم، وشمت بانخذالهم لأنهم لا يعرفون بعبقريته ولا ينصفونه (٢) ورثا المعتد حين خلع بقوله (٣) :

أحللتني بمحلة الجوزاء ... ورويت عندك من دم الأعداء

وحملتني كالصقر فوق معاشر ... تحتي كأنهم بنات الماء وظلت صلة ابن شهيد طوال هذه المدة وثيقة باثنين من العامريين هما المؤتمن عبد العزيز الذي كان أبو عامر يراسله كثيرا ويمدحه (٤) ، وأبو عامر ابن المظفر الذي ظل في قرطبة، في عيشة راضية حتى خاف المعتد على نفسه، فهرب منها ولجأ إلى مواليه العامريين بالثغور فخذلوه، ولما يئس من عودته إلى قرطبة استولى على أملاكه، وجعل يتطلب ودائعه عند الناس فوقع من ذلك بلاء عظيم على بعض أهل قرطبة، واضطر بعضهم إلى الجلاء عنها بسبب بحث المعتد عن ودائع العامريين (٥) . ومن أوائل التقارب بين ابن شهيد وابن المظفر هذا أن الثاني طلب مرة ان يستعمل حمام ابن شهيد لان حمام بيته تحت التصليح في يد البنائين (٦) ، ثم تقاربا وتصادفا وامتد بينهما حبل الصداقة، حتى لنرى ابن شهيد يسهر عند ابن المظفر ويشرب، وقد سهر ذات ليلة، وفي مجلسهم طفيلة صغيرة تسقيهم تسمى أسماء فعجبوا من مكابدتها السهر على صغر سنها وطلب ابن المظفر إلى ابن شهيد وصفها فقال (٧) :


(١) المغرب ١: ٨٥، ١/١٢٣
(٢) الذخيرة ١/١: ٢١٠
(٣) المغرب ١: ٨٥
(٤) انظر الذخيرة ١/١: ١٦٣ - ١٧١، ١٧٣ - ١٨٠
(٥) الذخيرة ١/١: ٢٦٠ - ٢٦١
(٦) الذخيرة ١/١: ٢٥٧
(٧) الذخيرة ١/١: ٢٦٠ والنفح ٢: ٨٠٦

<<  <   >  >>