للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لما نعى الناعي أبا عامر ... أيقنت أني لست بالصابر

أودى فتى الظرف وترب الندى ... وسيد الأول والآخر وهو في رسائله يهاجم اثنين ممن كانا يكيدان له، أحدهما يسمى ابن فتح والآخر أبا عبد الله الفرضي أحد المشتغلين بالكيمياء، ويقول إن الثاني كاد له أيام المستظهر (٤١٥) ، وصنع على لسانه شعرا في هجاء القائم بالأمر يومئذ (١) :

يا كسرة دهمتنا ليس تنجبر ... وسبة لحقتنا ما لها عذر ويزعم ان ابن فتح أفسد عليه نية ابن عباس وزير زهير الفتى الصقلبي المرية، وربما كان شيء من ذلك، ولكن التنافر بين ابن شهيد وابن عباس كان يتم دون حاجة إلى تدخل الآخرين ودسائسهم، فقد كان كل منهما معجبا بنفسه وبقدرته الأدبية، ثم ان ابن شهيد هجا ابن عباس فأقذع حينما ورد مرة على قرطبة، وذلك ان ابن عباس هذا، في قدمته تلك، جمع لمة من الأدباء من أصحاب ابن شهيد وهم: ابن برد وأبو بكر المرواني وابن الحناط والطبني وسألغم عن ابن شهيد وأمرهم ان يوجهوا في استدعائه، قال ابن شهيد (٢) " فوافاني رسوله مع دابة له بسرج محلى ثقيل، فسرت إليه ودخلت المجلس وأبو جعفر غائب، فتحرك المجلس لدخولي وقاموا جميعا لي حتى طلع أبو جعفر علينا ساحبا لذيل لم ير أحد سحبه قبله وهو يترنم، فسلمت عليه سلام من يعرف حق الرجال فرد ردا لطيفا، فعلمت أن في أنفه نعرة لا تخرج إلا بسعوط الكلام؟ فرأيت أصحابي يصيخون إلى ترنمه فسألتهم عن ذلك، فقال لي الحناطي، وكان كثير الانحاء علي، جالبا في المحافل ما يسوء الأولياء الي، ان الوزير حضره قسيم من شعره، وهو


(١) الذخيرة ١/١: ١٨٩
(٢) الذخيرة ١/١: ٢٦٢ والنفح ٢: ٩٨٩

<<  <   >  >>