للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يسألنا إجازته فعلمت اني المراد ". ومن الجدير بالملاحظة هنا نظرة ابن شهيد إلى نفسه اولا، وكيف لم يغب عن باله ان يذكر قيام الأصحاب في المجلس له، ثم نظرته إلى ابن عباس وكبريائه ورأيه في طبيعة العلاقة بينه وبين الحناطي. ثم انه أخذ قلما وأجاز القسيم بديهة وانصرف، وبعد قليل لحق به أصحابه وأنبأوه ان ابن عباس لم يعجب بما جاءت به بديهته ولم يرتضه، وسألوه هجاءه، فهجاه مقذعا، فلا غرابة إذا لم يكن بين الرجلين شيء من الانسجام. ومع ذلك فبينه وبين ابن عباس مراسلات يقول في بعضها " إلى وزير كان لي وزرا، رقرق شرابي وأخصب به جنابي " (١) ويعده ابن عباس بصرف ضيعة له كانت بجهة تدمير من أملاك أبيه لما كان واليا بتلك الناحية (٢) ويقول ابن حيان في وصف ما صنعه ابن عباس حين قدم قرطبة: " ومن عجبه انه دخل قرطبة؟ ومنها منتهاه - وهم بقية الناس - فحجب كبيرهم الشيخ أبا عمر بن أبي عبدة من غير عذر؟ وتنقص أديبهم أبا عامر بن شهيد، ولم يك يحسن مستمليا له، ثم أجمل وصف جماعتهم وقد سئل عنهم فقال: ما رأيت بقرطبة الا سائلا أو جاهلا " (٣) .

وكان أشد ما يغيظ ابن شهيد إلصاق العيب بإنشائه وشعره ولذلك صب سوط عذاب على أبي بكر المعروف باشكمياط لأنه زعم ان ابن شهيد ينتحل ما لغيره، وتعقب ابن الافليلي أحد معلمي اللغة في قرطبة بشدة وتهكم به كلما سنحت الفرصة، وبسببه جرد قلمه لكتابة " رسالة التوابع والزوابع " وهاجم من أجله طبقة المعلمين جملة بعنف وشدة، فمما قاله فيهم " وقوم من المعلمين بقرطبتنا ممن أتى على أجزاء من النحو، وحفظ كلمات من اللغة، يحنون على اكباد غليظة، وقلوب كقلوب


(١) الذخيرة ١/١: ١٨٢
(٢) المصدر نفسه ١/١: ١٦٦
(٣) الذخيرة ١⁄٢: ١٨٦

<<  <   >  >>