للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

البعران، ويرجعون إلى فطن حمئة، وأذهان صدئة " (١) . وكان ابن الافليلي هذا حجة في علم اللسان والضبط لغريب اللغة في ألفاظ الأشعار الجاهلية والإسلامية وقد نال جاها عند بني حمود، ثم استكتبه المستكفي بعد ابن برد فوقع بعيدا من البلاغة لأنه على طريقة المعلمين المتكلفين، وفي أيام هشام المعتد لحقته تهمة في دينه فسجن في المطبق مع من سجن من الأطباء كابن عاصم والبسباسي، ثم أطلق.

غير ان ابن شهيد أنشأ في قرطبة أيضاً علاقات اخوانية طيبة، فكان أبو المغيرة بن حزم من أقرب أصدقائه إليه حتى كانا كما قال الفتح: " لا ينفصلان في رواح ولا مقيل، ولا يفترقان كمالك وعقيل، فكانا بقرطبة رافعي ألوية الصبوة، وعامري أندية السلوة " (٢) . وكان من أصدقائه أيضاً الفقيه أبو محمد بن حزم نفسه، لأنهما نشأا معا في الدولة العامرية وسناهما متقاربتان، ولما مرض ابن شهيد كتب إلى ابن حزم بأبيات يذكر فيها اخوته وصداقته، ويطلب إليه ان يؤبنه، ويشيع ذكره ويدعو له الله أن يغفر ذنبه (٣) :

فمن مبلغ عني ابن حزم وكان لي ... يدا في ملماتي وعند مضايقي

عليك سلام الله إني مفارق ... " وحسبك زادا من حبيب مفارق "

فلا تنس تأبيني إذا فقدتني ... وتذكار أيامي وفضل خلائقي

فلي في أذكاري بعد موتي راحة ... فلا تمنعونيها علالة زاهق فأجابه ابن حزم بقوله:

أبا عامر ناديت خلا مصافيا ... يفديك من دهم الخطوب الطوارق

وآلمت قلبا مخلصا لك ممحضا ... بودك موصول العرى والعلائق


(١) الذخيرة ١/١: ٢٠٥
(٢) المطمح: ٢٢
(٣) الجذوة: ١٢٥

<<  <   >  >>