للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ثم يهدئ من جزعه ويتمنى له بعد الشدة رخاء، ويتفجع لفقده، ان حدث. وقد كتب ابن حزم لابن شهيد أيضاً رسالة مستقصاة بين له فيها أن القرآن خارج عن نوع بلاغة المخلوقين وانه على رتبة قد منع الله تعالى جميع الخلق عن ان يأتوا بمثله (١) . وهنالك شخص ثالث من أصدقائه يدعى أبا بكر بن حزم واسمه يحيى ولا يمت بالقرابة للاثنين الأولين، وقد وجه إليه ابن شهيد رسالة " التوابع والزوابع " التي سماها أيضاً " شجرة الفكاهة " (٢) ، وكانت بينه وبين القاضي ابن ذكوان علاقة طيبة، وفي أحد مجالسه عنده جيء بباكورة باقلاء فارتجل ابن شهيد ابياتا في وصفها (٣) ، ولما توفي هذا القاضي رثاه ابن شهيد فقال (٤) :

ظننا الذي نادى محقا بموته ... لعظم الذي أنحى من الرزء كاذبا

وخلنا الصباح الطلق ليلا وأننا ... هبطنا خداريا من الحزن كاربا

ثكلنا الدنا لما استقل وانما ... فقدناك يا خير البرية ناعبا

وما ذهبت اذحل في القبر نفسه ... ولكنما الاسلام أدبر ذابا ومن أصدقائه الخلص أبو جعفر بن اللمائي (٥) أحد أئمة الكتاب في وقته، وقد شق على ابن شهيد موته لأنه نعي له وابن شهيد طريح الفراش، فكان في فقده، على انه صديق عزيز، انذار لابن شهيد بسطوة الموت، فرثاه بقصيدة حزينة مطلعها (٦) :

أمن جنابهم النفح الجنوبي ... أسرى فصاك به في الغور غاري وقد تخيل فيها كيف مر به الليل، فسأله أذاك النفح الزاكي من


(١) الفصل ١: ١٠٧
(٢) انظر في ترجمة يحيى هذا كتاب الجذوة: ٣٥١
(٣) النفح ٢: ٨٠٦
(٤) النفح ٢: ٨٦٥
(٥) انظر ترجمته في الذخيرة ١⁄٢: ١٣٢ والمطمح: ٢٥
(٦) الذخيرة ١/١: ٢٨٣ والنفح ٢: ٩٦٠

<<  <   >  >>