للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وان هذا المرض أي الفالج هو الذي استمر سبعة اشهر، ولما بلغت منه الأوجاع مبلغا شديدا هم بقتل نفسه، ثم آثر الرضى بقضاء الله، وفي ذلك يقول:

أنوح على نفسي وأندب نبلها ... إذا انا في الضراء أزمعت قتلها

رضيت قضاء الله في كل حالة ... علي وأحكاما تيقنت عدلها وعلى ما أصاب جسمه من وهن، بقي ذهنه متفتحا، وقريحته متوقدة، وان الشعر الذي صدر عنه في فترة المرض وان صدر عن نفس يائسة متألمة، ليدل على حيوية شعرية غير مادية، ففي علته رثى ابن اللمائي؟ كما تقدم - وكتب قصيدة إلى ابن حزم، تقدمت الإشارة إليها كذلك، وفيها كتب إلى صديق له اسمه عمرو يقول:

اقر السلام على الأصحاب اجمعهم ... وخص عمرا بأزكى نور تسليم

وقل له يا أعز الناس كلهم ... شخصا علي وأولادهم بتكريم

الله جارك من ذي منعة ظفرت ... منه الليالي بعلق غير مذموم وكتب إلى جماعة من إخوانه يقول:

هذا كتابي وكف الموت تزعجني ... عن الحياة وفي قلبي لكم ذكر

إن أقضكم حقكم من قلة عمري ... إني الي الله لا حق ولا عمر ومن الجدير بالذكر انه يقرأ في هذه الأبيات الوداعية السلام على المنصور أفضل من سعى لثأر بني الإسلام وعلى ابنه المظفر، فلا تزال صورة المجد العامري تخايل عينيه وهو على فراش المرض.

وفي علته قال أيضاً:

تأملت ما أفنيت من طول مدتي ... فلم أره الا كلمحة ناظر

وحصلت ما أدركت من طول لذتي ... فلم ألفه الا كصفقة خاسر

وما انا الا رهن ما قدمت يدي ... إذا غادروني بين أهل المقابر وتحدث في الأبيات عن أصدقائه الذين سيذكرونه بعد موته، فقد كان يرتاح للذكر بعد الموت، ثم وصف سطوة الموت نفسه، وفي كل

<<  <   >  >>