للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أشعار تلمح هذا الأسى على فراق أصدقائه، وموقفه منهم موقف المودع الذي يعرف ان نهايته اقتربت، على انه لا يشير في الظاهر إلى خوفه من الموت، ولكنه يتجلد في الغالب، ولآخر ما قاله مودعا لأصدقائه:

أستودع الله إخواني وعشرتهم ... وكل خرق إلى العلياء سباق

وفتية كنجوم القذف نيرهم ... يهدي، وصائبهم يودي بإحراق ثم يقول مشيرا إلى صديق حميم:

وكوكبا لي منهم كان مغرية ... قلبي ومشرقه ما بين أطواقي

الله يعلم أني ما أفارقه ... إلا وفي الصدر مني حر مشتاق

كنا ألفين خان الدهر ألفتنا ... وأي حر على صرف الردى باقي وقد أوصى قبل وفاته بهذه الوصايا:

أ - ان يصلي عليه الرجل الصالح أبو عمر الحصار (فتغيب إذ دعي وصلى عليه جهور أبو الحزم صاحب قرطبة حينئذ) .

ب - ان يسن التراب عليه دون لبن أو خشب (فلم ينفذ هذا أيضاً) .

ج - ان يدفن بجنب صديقه أبي الوليد الزجالي.

د - ان تكتب هذه الكلمات على قبره: بسم الله الرحمن الرحيم قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون. هذا قبر احمد بن عبد الملك بن شهيد المذنب، مات وهو يشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له، وان محمدا عبده ورسوله وان الجنة حق وان النار حق وان البعث حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وان الله يبعث من في القبور [ثم تاريخ الوفاة بالشهر والسنة] ويكتب تحت النثر هذا النظم:

يا صاحبي قم فقد أطلنا ... أنحن طول المدى هجود

فقال لي: لن نقوم منها ... ما دام من فوقنا الصعيد

تذكر كم مرة لهونا ... في ظلها، والزمان عيد

وكم سرور همى علينا ... سحابة ثرة تجود

<<  <   >  >>