للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقد اشتهر بين معاصريه بخلال أربع:

الأولى: ميله إلى اللهو والبطالة " فلم يحفل في آثارها بضياع دين ولا مروءة، فحط في هواه حتى أسقط شرفه ووهم نفسه راضيا في ذلك بما يلذه، فلم يقصر عن مصيبة ولا ارتكاب قبيحة " (١) ، وقال الحجاري في وصفه " كان ألزم للكأس من الأطيار بالأغصان، وأولع بها من خيال الواصل بالهجران " (٢) .

الثانية: إسرافه في الكرم حتى كان لا يليق شيئا، وأشرف أواخر أيامه على الإملاق، وكانت عند أهل قرطبة قصص مشهورة عن جوده وسخائه تلحق بالأساطير، من ذلك تلك القصة التي رواها صاحب المطرب عن رجل من طليطلة قصد أبا عامر فألفى لديه صنوف الإكرام، بل وهبه أبو عامر دارا في قرطبة ومركبا وخادما ونعما كثيرة وفرشا وثيرة (٣) .

الثالثة: عزة النفس المصحوبة بالعجب، وقد تنازل عن عزة النفس في حالات اعساره، ولكنه كان يقهر نفسه بحيث لا تستشعر الندم على فائت، وكثيرا ما يمتدح بعزته النفسية في شعره تمدحه بالكرم فيقول:

والنفس نفس من شهيد سنخها ... يسنخ غذت منه العلا بلبانها ومصدر عجبه شيئان: نسبه الشهيدي الأشجعي:

من شهيد في سرها ثم من أشجع في السر من لباب اللباب ... واقتداره على النثر والشعر، اقتدارا يرى كل معاصريه وكثيرا من غير معاصريه دونه، وقد قال له أصحابه ذات مرة:انك لآت بالعجائب وجاذب بذوائب الغرائب، ولكنك شديد الإعجاب بما يأتي منك " (٤) .


(١) الذخيرة ١/١: ١٦٢
(٢) المغرب ١: ٨٥
(٣) المطرب: ١٤٧ - ١٤٨
(٤) الذخيرة ٤/١: ٢٧ والنفح ٢: ٨٠٧

<<  <   >  >>