للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فعرف بشارا وأبا نواس وصريع الغواني وأبا تمام والمتنبي وعبد الحميد وابن المقفع والجاحظ وسهل بن هارون وقابوس بن وشمكير وبديع الزمان، وقرأ كثيرا من آثارهم، ولم يزد إلى ذلك ثقافة في فنون أخرى علمية سوى ثقافته الأدبية الخالصة، ولما توفي لم توجد لديه كتب إلا القليل (١) وقد قال في التوابع والزوابع: انه جلس في صغره إلى الاساتيذ، غير انه لم يسم أحداً منهم ولكنه افتخر إلى جانب ذلك بأن " يسير المطالعة من الكتب " يفيده، وتهكم بسعة الاطلاع في الرسالة المذكورة حين سأله تابع ابن الأفليلي: على من قرأ ولما قال له: فطارحني كتاب الخليل قال له: هو عندي في زنبيل (٢) .

شعره:

ليس في الأندلسيين الذين درسنا شعرهم حق عصر ابن شهيد، من كان اكثر منه توقدا في القريحة، وأنفذ بصرا في نقد الشعر، وقد يدانيه ابن حزم وابن حيان المؤرخ في الحدة الذهنية، ثم تفترق السبيل بهؤلاء فيذهب كل في طريقه، وهو؟ في الشعر - خير ثمرة لمدرسة القالي التي جنحت إلى القوة والجزالة البدوية، بينما هو في النثر تلميذ نابه للجاحظ وبديع الزمان، وقد استطاع ان يفصل بين شعره ونثره، فلم يكن كابن دراج الذي بنى القصيدة على طريقته الكتابية، ولم يجمع ابن شهيد بين الطريقتين إلا في القليل النادر، وذلك في بعض الموضوعات التي استحسنها له معاصروه في النثر، كوصف النحلة وصفة البرغوث، فانه عاد يعالج مثل هذه الموضوعات في شعره (٣) ، وهو اقل شعره قيمة. وقد أثرت فيه نظرته النقدية لأنها جعلته على وعي بما يريد ان يصنعه في


(١) الذخيرة ١/١: ١٦٢ والمغرب ١: ٧٨
(٢) الذخيرة ١/١: ٢٣٤
(٣) انظر أمثلة من ذلك الذخيرة ١/١: ١٨٥

<<  <   >  >>