للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

في مجلس شابه التصابي ... وطاردت وصفه العقول

كأنما بابه أسير ... قد عرضت وسطه نصول

ينظر من لبده لدينا ... بحر دم تحته يسيل

كأن أخفافنا عليه ... مراكب ما لها دليل واجتاز يوما بحانوت بعض معارفه من الطرائفيين وبين يديه رامشنة جميلة في زنبيل ملآن حرشفا فجعل الطرائفي يده في لجام دابة ابن شهيد وقال: صف هذا أبا عامر فان صاعدا رام وصفه فلم يأت بشيء، فقال ابن شهيد وهو على ظهر دابته (١) :

هل أبصرت عيناك يا خليلي ... قنافذا تباع في زنبيل

من حرشف معتمد جليل ... ذي إبر تنفذ جلد الفيل

كأنما أنياب بنت الغول ... نقل السخيف المائق الجهول إلى آخر الأرجوزة. وارتجل مرة أخرى وصف طبق من الباقلاء في مجلس ابن ذكوان. وامتحان أصدقائه له لا يدل على إعجابهم بقدرته فحسب، بل ربما أشار إلى شيء من ريبتهم؟ أول الأمر - فيما ينتجه من شعره، حتى كان بعضهم يقول إذا سمع شعره أو نثره: انه ليس له، وقوله التالي يشير إلى هذا الاتهام (٢) :

وبلغت أقواما تجيش صدورهم ... علي واني منهم فارغ الصدر

أصاخوا إلى قولي فأسمعت معجزا ... وغاصوا على سري فأعياهم أمري

فقال فريق: ليس ذا الشعر شعره ... وقال فريق: أيمن الله ما ندري ولا ريب في ان اتهامهم له بالانتحال مبني على الحسد، وان كان اتهاما لا يعدم حظا ضئيلا من الصواب. وقد غطى على محاكاته وأخذه بعض المعاني من غيره، انه يحاول دائما ان يكون مبتكرا مجددا، يضيف إلى ما يأخذه، أو يبتكر معنى أو صورة جديدة. وربما لم يكن من


(١) الذخيرة ٤/١: ٢٨
(٢) الذخيرة ١/١: ٢٣٣ والشريشي ١: ٤٦

<<  <   >  >>