للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال لي يلعب، خذ لي طائرا ... فتراني الدهر أجرى بالكدا

وإذا استنجزت يوما وعده ... قال لي يمطل: ذكرني غدا ولكن حديثه كثيرا ما يكون مناجاة بينه وبين نفسه أو حكاية على لسان أشياء لا تعقل كهذا الحوار بينه وبين الغمام:

وغمام باركتنا عينه ... تترع الأفق بدمع صيب

فسألناه وقد أعجبنا ... حشوة العين بمرأى عجب

أنت ماذا؟ قال: مزن علمت ... كفه النجعة كفا درب

سامني بالشرق ان أسقيكم ... رحمة منه بأقصى المغرب

فسألناه: أبن ذاك لنا ... قال: هل يخفى ضياء الكوكب؟ وأكثر شغفه بالصور السابحة المعتلية عن مستوى الأرض المقترنة بالجو أو بالنجوم أو بالطيور أو بظهور الخيل، وهو يتصور نفسه على ارتفاع، ومرد هذا كله إلى شعوره بالاستعلاء بالنسبة لمن حوله، والى خوفه من الموت، حتى انه حين تصور قدوم الموت تمنى قائلا:

تمنيت أني ساكن في غيابه ... بأعلى مهب الريح في رأس شاهق وقد كان في حياته؟ لا شعوريا - يعيش في رأس شاهق، والرياح تجأر من حوله، كان جوادا والناس حمر، فإذا أحس أن زمانه لم ينصفه أسي لذلك الجواد الذي كبا فنهقت الحمير تضحك منه:

وكبوت طرفا في العلا فاستضحكت ... حمر الأنام فما تريم نهاقها إلا ان همته في السماء رغم تقصير حظه:

همة في السماء تسحب ذيلا ... من ذيول العلا وجد كابي وهو يأسى كثيرا على المعتد، ويقول:

وحملتني كالصقر فوق معاشر ... تحتي كأنهم بنات الماء بل إن بحر بيانه إذا طما، بلغ جدول منه في مده قرن الشمس:

ولما طمى بحر البيان بفكرتي ... وأغرق قرن الشمس بعض جداولي

<<  <   >  >>