للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

نشاطه السياسي، فنجده بعد ست سنوات (سنة ٤١٤) عندما فر القاسم بن حمود وبويع المستظهر الأموي، يعود إلى التشبث بالآمال الأموية. فضمه المستظهر إلى حاشيته واصبح له وزيرا. قال المقري في المستظهر: واشتغل مع ابن شهيد وابني حزم بالمباحثة في الآداب ونظم الشعر والتمسك بتلك الأهداب والناس في ذلك الوقت اجهل ما يكون (١) . وكانت آخر تجاربه السياسية ان سجنه المستكفي هو وابن عمه أبو المغيرة (٢) . وبعدها أدركه اليأس من النجاح في السياسة. وعرف ان العلم هو ميدانه الحقيقي، فانصرف إلى نشر مذهبه الجديد، والى التأليف. وهذا هو الدور الثاني من حياته، حين عزف عن التعلق بالأسباب التي تصله بالثروة والمجد الدنيوي، وعاش يكف أساة إلى الماضي ولذائذه، متنقلا في البلاد الأندلسية. فحينا نراه يسكن شاطبة، ومرة أخرى نجده في مالقة يودع صديقه أبا عامر محمد بن عامر في سفرته إلى المشرق، ومعهما صديقهما أبو بكر محمد بن إسحاق (٣) وكان في تطوافه يلقى العلماء ويجادلهم، كما يجادل الملحدين والذين لا يقرون بالنبوة، ويجادل زعماء الأديان الأخرى مثل ابن النغرالة اليهودي وزير صاحب غرناطة (٤) . وهذه المجادلات العنيفة هي التي كونت له خصوما كثيرين، كانوا يكيدون له عند ملوك الطوائف. حتى جمع المعتضد بن عباد كتبه وأحرقها. وأعتقد انه فعل ذلك بعد المناظرة التي قامت بين ابن حزم والباجي.

فبعد سنة ٤٥٢ ذهب ابن حزم إلى ميروقة، وكان فيها الفقيه محمد بن سعيد الميورقي يدرس الفقه والاصول. فلما وردها ابن حزم كتب محمد هذا إلى أبي الوليد الباجي يخبره بقدوم ابن حزم، فسافر الباجي


(١) النفح ١: ٢٣١
(٢) المغرب ١: ٥٥، والتقريب: ١٩٩ بشيء من التفصيل.
(٣) انظر الطوق: ٤١، ١٨
(٤) الفصل ١: ١٧، ٢٥، ٦٥ - ٦٧، ٩٩، ١١٠، ١٣٥ وغيرها من الصفحات.

<<  <   >  >>