للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إلى ميرورقة من بعض الأندلس. وهناك تضافرا على ابن حزم وناظراه وأخرجاه منها. وكان الميورقي سبب العداوة بين الباجي وابي محمد (١) . قال القاضي عياض في الباجي: " ووجد عند وروده بالأندلس لابن حزم الداوودي صيتا عاليا وظاهريات منكرة. وكان لكلامه طلاوة قد أخذت قلوب الناس، وله تصرف في فنون تقصر عنها ألسنة فقهاء الأندلس في ذلك الوقت، لقلة استعمالهم النظر وعدم تحققهم به. فلم يكن يقوم أحد بمناظرته. فعلا شأنه وسلموا الكلام له على اغتنامهم فحادوا عن مكالمته. فلما ورد أبو الوليد الأندلس، وعنده من الإتقان والتحقيق والمعرفة لطرق الجدل والمناظرة ما حصله في رحلته، أمله الناس فجرت له معه مجالس كانت سبب فضيحة ابن حزم وخروجه من ميورقة " (٢) وقد شهد ابن حزم للباجي بالتفوق في المذهب المالكي (٣) . ومما جرى بينهما في بعض المناظرات، ان قال الباجي: أنا أعظم منك همة في طلب العلم لأنك طلبته وأنت معان عليه تسهر بمشكاة من الذهب، وطلبته وأنا أسهر بقنديل بائت السوق. فقال ابن حزم: هذا الكلام عليك لا لك لانك إنما طلبت العلم وأنت في تلك الحال رجاء تبديلها بمثل حالي. وأنا طلبته في حين ما تعلمه وماذكرته، فلم أرج به إلا علو القدر العلمي في الدنيا والآخرة، فأفحمه (٤) .

وكثر أعداء ابن حزم في مدن الأندلس. وأخذوا يؤلبون عليه امراءها، ويستصرخون ضده علماء الأمصار الإسلامية " فطفق الملوك يقصونه عن قربهم ويسيرونه عن بلادهم إلى ان انتهوا به إلى منقطع أثره


(١) التكملة: ٣٩١
(٢) ترتيب المدارك ج ٢ الورقة: ١٥٨ (نسخة دار الكتب المصرية) ، وانظر النفح ١: ٣٠٩
(٣) النفح ١: ٣٦٠
(٤) النفح ١: ٣٦٤

<<  <   >  >>