للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بتربة بلده من بادية لبلة " (١) . وهنالك كان يختلف إليه الطلبة، فيحدثهم ويفقههم. وواظب هو على التأليف والإكثار من التصنيف ولكن الناس أحجموا عن كتبه، إذ حاربها الفقهاء، وأحرق بعضها بأشبيلية ومزق علانية. غير انه مضى في سبيله، لا يثنيه شيء، حتى وافته منيته عشية يوم الأحد لليلتين بقيتا من شعبان سنة ست وخمسين وأربعمائة. وعمره إحدى وسبعون سنة وعشرة اشهر وتسعة وعشرون يوما (٢) .

ثقافته وأساتذته ومؤلفاته:

حصل ابن حزم في صباه شيئا من الثقافة الأولية على يد الجواري، ثم أخذ يطلب العلم في قرطبة قبل الأربعمائة بقليل، وظل مثابرا على طلب العلم أثناء الفتنة حتى انه كان في سنة ٤٠١ يتلقى الحديث على أستاذه الهمداني في مسجد القبري بالجانب الغربي من قرطبة (٣) ، وبعد خروجه من قرطبة أفاد من تجواله في البلاد ومن لقاء بعض العلماء، ولكنه لما عاد إليها أدرك أن محصوله من العلم ما يزال قاصرا، فأكب على الطلب، حتى وحصل في مدة قصيرة ما لا يحصله غيره في العمر الطويل. وتمذهب أولا للشافعي، ثم اختار مذهب الظاهر. ووضعه موقف المنافح عنه موضع من لا بد له من ثقافة واسعة. وكان يأسه من الحياة السياسية سببا في تعميق حياته العلمية، ومن اشهر أساتذته:

١ - أبو الخيار مسعود بن سليمان بن مفلت وهو فقيه عالم زاهد، اثر في ابن حزم لميله إلى القول بالظاهر، وقد سمع منه بعض الأخبار والفوائد اللغوية (٤) .


(١) الذخيرة ١/١: ١٤١ - ١٤٢
(٢) الصلة: ٣٩٦
(٣) الطوق: ١٣٥
(٤) انظر الجذوة: ٣٢٨، ٢٢٦، والطوق: ١٠٥

<<  <   >  >>