للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فصير جوف العجل من ذلك الثرى ... فقام له منه خوار ممدد وتمتليء بعض قصائده بالحكمة وبعضها يتجه إلى تمجيد الزهد، وبعضها في تسبيح الله وتمجيده واثبات حدوث العالم كالقصيدة التي مطلعها:

لك الحمد يا رب والشكر ثم ... لك الحمد ما باح بالشكر فم وشهرت بين الأندلسيين قصيدته التي قالها في الرد على قصيدة شاعر نقفور، وبعض قصائده تعليم خالص في الحث على طلب الحديث وفي نظم بعض الآراء الفلسفية، وله قصيدة يعارض بها قصيدة ابن زريق البغدادي لإعجابه بها.

وأحفل شعره بالعناصر الشعرية الصحيحة هي القصائد الذاتية التي ينافح بها عن موقفه ويدافع عن غاياته ويذكر تكالب الناس على إيذائه والحط من قدره، لأنها قائمة على القوة والجزالة والحدة وليست معرضا للتفنن في الرأي وإبراز المعاني من حجبها، من ذلك قصيدته التي يقول فيها:

أما لهم شغل عني فيشغلهم ... أو كلهم بي مشغول ومرتهن

كأن ذكري تسبيح به أمروا ... فليس يغفل عني منهم لسن

ان غبت عن لحظهم هاجوا بغيظهم ... حتى إذا ما رأوني طالعا سكنوا وأقوى ما وردنا في هذا الباب من شعره قصيدته البائية التي خاطب بها قاضي الجماعة بقرطبة عبد الرحمن بن احمد بن بشر وفيها (١) :

أنا الشمس في جو العلوم منيرة ... ولكن عيبي أن مطلعي الغرب

ولو أنني من جانب الشرق طالع ... لجد على ما ضاع من ذكري النهب

ولي نحو اكناف العراق صبابة ... ولا غرو أن يستوحش الكلف الصب

فإن ينزل الرحمن رحلي بينهم ... فحينئذ يبدو التأسف والكرب


(١) الجذوة: ٢٩٢

<<  <   >  >>