للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أنشأ رسالته في صفة البرد والنار والحطب ورسالته في الحلواء ليحاكي المقامات. وهو مفتون بقدرة البديع على الوصف، كما هي الحال في وصف الدينار، فهو يسرف في محاكاة هذا اللون كثيرا كقوله في الثعلب: " أدهى من عمرو، وأفتك من قائل حذيفة بن بدر، كثير الوقائع في المسلمين، مغرى باراقة دماء المؤذنين، إذا رأى فرصة انهزها، وإذا طلبته الكماة أعجزها، وهو مع ذلك بقراط في إدامة، وجالينوس في اعتدال طعامه، غذاؤه حمام أو دجاج، وعشاؤه تدرج أو دراج " (١) ومن هذه البابة وصف البرغوث ووصف الفالوذج وغير ذلك..

وقد أثر بديع الزمان أيضاً في نثر أبي المغيرة بن حزم فله رسالة يعارض فيها إحدى رسائل البديع (٢) . وأبو المغيرة من اسمح كتاب الأندلس طبعا في النثر، هذا على انه يقيد نفسه بالسجع في اكثر رسائله. ولا ريب في ان الرسائل المتبادلة بينه وبين ابن عمه الفقيه في أمر شجر بينهما إنما هي على حظ عال من البلاغة (٣) .

وأكثر هؤلاء الكتاب يوشحون رسائلهم بالشعر ويحلون فيها الأبيات، ويقتبسون الأمثال، كما أن أكثرهم يلحق بالعصر التالي، عصر ملوك الطوائف.

أهم الآثار النثرية في هذا العصر

اكثر الكتب التي تتصل بهذا العصر إنما هي في التراجم. فإذا الكتب الأدبية فأهمها ثلاثة: العقد لابن عبد ربه ورسالة التوابع والزوابع لابن شهيد وطوق الحمامة لابن حزم، فأما الأول فالصورة الأندلسية فيه باهتة


(١) الذخيرة ١/١: ٢٣٥
(٢) الذخيرة ١/١: ١١٧
(٣) انظر الذخيرة ١/١:١٣٦

<<  <   >  >>