كما انه يقوم على الجمع، ويتبقى الكتابان الآخران وهما يستحقان منا وقفة في هذا المقام:
١ - رسالة التوابع والزوابع
اسمها أيضاً " شجرة الفكاهة "، ولم تصلنا كاملة وإنما وصلتنا منها مقتطفات أوردها ابن بسام في الذخيرة، وقد خاطب بها كاتبها صديقه أبا بكر بن حزم حينما تساءل معجبا ببلاغة صديقه:" كيف أوتي الحكم صبيا وهو بجذع الكلام فاساقط عليه رطبا جنيا ". وحاول ابن شهيد ان يعلل ذلك في مطلع الرسالة بأنه، وان كان قليل الاطلاع، ذو موهبة طبيعية. وسمى هذه الموهبة، كما كان قدماء العرب يسمون شياطين الشعر، جنيا تابعا له كان يلهمه ويثير القول على لسانه ويخدمه في كل حال ويعينه إذا ارتج عليه. وكانت " كلمة السر " بينهما ان ينشد:
والي زهير الحب يا عز إنه ... إذا ذكرته الذاكرات أتاها
إذا جرت الأفواه يوما بذكرها ... يخيل لي أني أقبل فاها
فأغشى ديار الذاكرين وإن نأت ... أجارع من داري هوى لهواها فيحضر عندئذ صاحبه زهير بن نمير، وهو مثله أشجعي، ومعنى هذا أن كل قبيلة في الإنس لها ما يقابلها عند الجن، وهؤلاء الجن؟ حسب وصف ابن شهيد - ليسوا جميعا قباح الصور، بل هم ربما كانوا مخلوقين على حسب الصور التي يمثلونها من بني الإنس، ولذلك كان فيهم من هو على شكل لحمار والبغل والإوزة لان الإنس في طبائعهم هذه الأشكال نفسها. ولما تنقل هو في ارض الجن مصاحبا لزهير لقي التابعين للأموات كما لقي التابعين لبعض الأحياء. اما ارض الجن فانه يقول أنها ليست كأرضنا، وجوها ليس كجونا، ومع ذلك فانه لا يميزها بشيء خاص، بل نرى فيها أشجارا متفرعة وأزهارا عطرة وأكثر