للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

سموت إليها بعد ما نام أهلها ... سمو حباب الماء حالا على حال وكيف حاول عمر بن أبي ربيعة فأخفق، وهنا يستمع ابن شهيد إلى نصيحة غالية تقول: " إذا اعتمدت معنى قد سبقك إليه غيرك فأحسن تركيبه وأرق حاشيته فاضرب عنه جملة وان لم يكن بد ففي غير العروض التي تقدم إليها ذلك المحسن لتنشط طبيعتك وتقوى منتك ". ثم يقدم لنا نماذج من شعره جاذب بها المتنبي وهو معجب بكل ما صنع، ويسمعه شخص آخر من الجن فيسأله محقرا: " على من أخذت هذا الزمير؟ " ويتحداه بأمثلة أخرى من شعر أبي الطيب فيرد عليه ابن شهيد بقصائد له معارضا فإذا عرف الجني انه من أسرة أكثرها شعراء حلف ان لا يعرض له ابدا، وقل واضمحل. أما هذا الجني فاسمه فرعون بن الجون وهو تابع رجل كبير في قرطبة. وعند هذه المرحلة يبلغ إعجاب الشهيدي بنفسه ذروته، فمن قبل كان تلميذا للمتنبي يتهيب الإنشاد بين يديه، أما وقد غاب المتنبي فلم يعجبه ان يتعصب أحد من أهل بلده للمتنبي ويفضله عليه بل يرى في نفسه شاعرا لا يقع دون أبي الطيب في احسن معانيه وأسيرها. وإذا كان الشعر هو إجادة المعارضة وإجادة الأخذ فقد حاز ابن شهيد في المرتين قصب السبق، وظن أن ذلك يغنيه عن الإطالة بل ظن ان طريقه تلك هي الأصالة عينها، وبذلك ينتهي القسم الثاني.

وفي القسم الثالث؟ وهو ما تبقى من الرسالة - منظران أولهما مفاضلة بين شعرين لحمار وبغل من عشاق الجن، والثاني منظر إوزة تسمى العاقلة، والمنظران قائمان على التندر بشخصين معروفين عند أبي عامر مجهولين عندنا وهما من أهل بلده، أما في المنظر الأول فهناك بغلة ترضى بحكم أبي عامر في المفاضلة بين شعر البغل والحمار ثم تقترب لتعرفه بنفسها وتقول له: أنها بغلة أبي عيسى، وتسأله ماذا فعل الأحبة بعدي فيقول لها: " شب الغلمان وشاخ الفتيان وتنكرت الخلان ومن إخوانك من بلغ الإمارة وانتهى إلى الوزارة " ولا يخفى ما في هذا

<<  <   >  >>