للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأنكر على عباس أيضا في مجلس أحد النحويين أنه خفف ياء النسب في قوله (١) :

يشهد بالإخلاص نوتيها ... لله فيها وهو نصراني فاحتج عباس على المنكرين، بقول عمران بن حطان:

يوما يمان إذا لاقيت ذا يمن ... وان لقيت معديا فعدناني وكاد الذوق في هذه البيئة يجمع على ان الشعر إنما يتقدم غرابته وحسن معناه، وان من خير الشعر وصف أبي تمام للقلم (٢) لما فيه من غرابة. على أننا يجب ألا نغلو في تقدير ما كان يحسنه هؤلاء المؤدبين، فانهم؟ في الأكثر - كانوا سطحيين حتى في ميدانهم من لغة ونحو، قال الزبيدي يصفهم: " وذلك ان المؤدبين إنما كانوا يعانون إقامة الصناعة في تلقين تلاميذهم العوامل وما شاكلها، وتقريب المعاني لهم في ذلك، ولم يأخذوا أنفسهم بعلم دقائق العربية وغوامضها، والاعتدال لمسائلها، ثم كانوا لا ينظرون في إمالة ولا إدغام ولا تصريف ولا ابنية " (٣) ، وهذا كلام يصدق عليهم حتى منتصف القرن الرابع، على وجه التقريب.

وقد ساعد بعض المهاجرين من غير الأندلسيين على ترسيخ اثر المحدثين في البيئة الأندلسية مثل إبراهيم بن سليمان الشامي الذي دخل الأندلس في أخريات أيام الحكم بن هشام، وكان قد أدرك بالمشرق كبار المحدثين كأبي العتاهية (٤) ، ومثل أبي اليسر إبراهيم بن احمد الشيباني الذي لقي من الشعراء أبا تمام والبحتري ودعبلا وابن الجهم، وقدم الأندلس في إمارة محمد عبد الرحمن، وعنه رواية لشعر أبي تمام بالأندلس (٥) .


(١) طبقات الزبيدي: ٢٧٨ - ٢٧٩.
(٢) المصدر السابق: ٣٠٧ ووصفه للقلم من قصيدة يمدح بها ابن الزيات وأوله:
لك القلم الأعلى الذي بشباته ... تصاب من الأمر الكلى والمفاصل (٣) طبقات الزبيدي: ٣٣٦ - ٣٣٧.
(٤) النفح ٢: ٧٤٨.
(٥) المصدر السابق ٢: ٧٥٥ - ٧٥٦.

<<  <   >  >>