للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

محمد بن إسماعيل الملقب بالحكيم، صديق القلفاط الشاعر النحوي. إلا أن الأندلسيين ظلوا ينظرون في ريبة إلى من يشتغل بعلوم الفلسفة والمنطق والجدل، ولا يتقلبون من علوم الأوائل إلا الطب والحساب حتى مضت عدة سنوات من حكم الناصر، ونصب ابنه الحكم نفسه لتشجيع العلوم دون تفرقة. واليه يعود الفضل في ظهور نهضة علمية بالأندلس.

النهضة الثقافية أيام الحكم

كان الحكم شابا مثقفا واسع الاطلاع ذا لذة في شهود مجالس العلماء والسماع منهم والرواية عنهم سمع من قاسم بن اصبغ واحمد بن رحيم ومحمد بن عبد السلام الخشبي وزكريا بن خطاب اكثر عنه وأجاز له ثابت بن قاسم وكتب عن خلق كثير سوى هؤلاء، وكان نظارا في الكتب كثير التعليق عليها، وقلما تجد كتابا في خزانته إلا وفيه قراءاته وتعليقاته عليه، ويكتب فيه بخطه إما في أوله أو آخره أو في تضاعيفه نسب المؤلف ومولده ووفاته والتعريف به ويذكر انساب الرواة له ويأتي من ذلك بغرائب لا تكاد توجد إلا عنده لكثرة مطالعته وعنايته بهذا الفن وكان موثوقا به مأمونا عليه حتى صار كل ما كتبه حجة عند شيوخ أهل الأندلس وأئمتهم بنقلونه من خطه (١) . قال الحميدي في ترجمة ابن عبد ربه: " توفي أبو عمر احمد بن عبد ربه سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة [وعين اليوم والعمر بالسنوات والأشهر والأيام] ومدح الأمير محمدا والمنذر وعبد الله وعبد الرحمن الناصر، هذا آخر ما رأيت بخط الحكم المستنصر، وخطه حجة عند أهل العلم عندنا " (٢) ، وذكر ابن الأبار انه اجتمع له جزء مفيد مما وجده بخطه وانه وجده يشتمل على فوائد جمة في أنواع شتى، وكان قد قيد كثيرا من انساب أهل


(١) الحلة السيراء، الورقة: ٤٨.
(٢) الجذوة: ٩٤.

<<  <   >  >>