للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بلده (١) ومن تقييداته أمثلة منقولة في طبقات الزبيدي والمرقبة العليا للنباهي وغيرهما (٢) .

وقد كانت خطة الحكم فيما يتأتى له من نهضة علمية، تمتد إلى أمور متشابكة منها إغراء العلماء بالقدوم إلى الأندلس أو التأليف من اجل خزائن الكتب الأندلسية، ونقل الكتب من الخارج، وتشجيع الثقافات المختلفة من أدبية ودينية وفلسفية، ودفع الملكات الأندلسية إلى جمع التراث الأندلسي، قبل ان يتطاول عليه الزمن ويتحيفه النسيان.

فمن إغرائه للعلماء والأدباء ان قدم عليه كثير من المشارقة، تميز من بينهم أبو علي القالي اللغوي، ولا يستبعد ان يكون الحكم هو الذي كتب إليه ورغبه في الوفود عليه، فتلقاه مرحبا وبالغ في إكرامه، وهو يومئذ ولي عهد إذ كان قدوم القالي في خلافة الناصر سنة ٣٣٠هـ، وظل على تعهده له وتشجيعه بعد ان أصبحت الخلافة إليه، وكان ينشطه بواسع العطاء ويشرح صدره بالإفراط في الإكرام (٣) وباسمه طرز أبو علي كتاب الأمالي وهو المسمى بكتاب النوادر وقد رواه عنه جماعة من العلماء منهم الزبيدي وحكم بن منذر بن سعيد واحمد بن ابان بن سعيد والقزاز والقاضي ابن مغيث وغيرهم، وكان أبو علي يمليه على طلبته من بني ملول وغيرهم بالزهراء كل يوم خميس، ثم زاد فيه فجعله ستة عشر جزءا للعامة، ثم زاد فيه فبلغه عشرين جزءا للحكم المستنصر (٤) . ولا ريب في ان قدوم القالي إلى الأندلس كلن يمثل نهضة في الدراسات اللغوية والأدبية وعنه تلقى الأندلسيين واتخذوه حجة، ولم يكن قبله لديهم إلا ابن القوطية وثابت وابنه قاسم والا الزبيدي وهذا الأخير على علمه، تتلمذ على القالي وأفاد


(١) الحلة، الورقة: ٤٨.
(٢) انظر المرقبة: ٦٥ وابن أبي أصيبعة ٢: ٤٢ وابن الفرضي ١: ١٥١، ٢٦٦، ٣٦٧، ٢: ١٤.
(٣) الجذوة: ١٥٦.
(٤) الفهرسة: ٣٢٥.

<<  <   >  >>