للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الأمير الموفق، فاستحفظوا ما أضاعوا من غرر وقيدوا ما أهملوا من عيون المعارف " (١) وللخشني كتب كثيرة الفها للحكم (٢) . ولم يكن الحكم يدع فرصة تفوته، إذا أمكنته، في تشجيع التأليف، وله في هذا الباب أخبار تدل على استغراق شديد واندماج نفسي في هذا الأمر، من ذلك انه أراد الغزو مرة (٣٥٢ هـ) فاعتذر عن مصاحبته في تلك الغزوة ابن الصفار لضعف جسمه، فأرسل إليه احمد بن نصير وقال: قل له ان ضمن لي ان يؤلف في أشعار خلفائنا بالمشرق والأندلس مثل الصولي في أشعار خلفاء بني العباس أعفيته من الغزاة، من الغزاة، فلما اختار ابن الصفار التأليف على الغزو خيره بين ان يكتب الكتاب فيؤبيته أو في دار الملك، فاختار ان يكتبه في دار الملك ليكفل الانقطاع والوحدة وينفرد دون الزائرين والمترددين إلى بيته. ولما كمل الكتاب في مجلد واحد لم يبقه احمد بن نصر إلى حين عودة الحاكم من غزاته بل حمل إليه ليسره، فلقيه بطليطلة عائدا، وتلقى الحاكم الكتاب مسرورا (٣) . وليس بمستعبد ان يكون الحكم هو الذي شجع الشطجيري على جمع شعر الغزال الشاعر الأندلسي وترتيبه على الحروف، لأن الشطجيري هذا أدرك خلافة الحكم وتوفي قريبا من الثلاثين وأربعمائة عن سن عالية (٤) .

وكثيرا ما كان الحكم لا يقف عند حد اقتراح الموضوع على المؤلف بل يشاركه أو يرسم له تقسيمه، كما فعل مع الزبيدي عندما طلب إليه أن يكتب كتابا في طبقات النحويين، وعرفه المنهج الذي يريده في تأليف الكتاب، قال الزبيدي في مقدمته: " وان أمير المؤمنين الحكم المستنصر بالله؟ رضي الله عنه - لما اختصه الله به ومنحه الفضيلة


(١) قضاة قرطبة: ١٠ - ١١.
(٢) ابن الفوضي ٢: ١١٥.
(٣) الجذوة: ١٨٦ - ١٨٧
(٤) الجذوة: ٢٣٥.

<<  <   >  >>