للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فيه من العناية بضروب العلوم أو الإحاطة بصنوف الفنون، امرني بتأليف كتاب يشتمل على ذكر من سلف من النحويين واللغويين في صدر الإسلام، ثم من تلاهم من بعد إلى هلم جرا إلى زماننا هذا وان اطبقهم على ازمانهم وبلادهم حسب مذاهبهم في العلم ومراتبهم؟ فألفت هذا الكتاب على والوجه الذي امرني به؟ وأقمته على الشكل الذي حده، وأمدني رضي الله عنه في ذلك بعنايته وعلمه، وأوسعني من روايته وحفظه، إذ هو الذي لا تعبر أواذيه وتدرك سواحله ولا ينزح غمره ولا تنصب مادته " (١) ولم ينس الحكم ان يفرد للنحويين واللغويين الأندلسيين قسما خاصا في ذلك الكتاب. وحرص الحكم على الزبيدي الذي هاجر إليه من اشبيلية، عندما استأذنه في العودة إلى أهله، يدل على مدى تعلقه بالعلماء، وفي ظل الحكم وربما بوحي منه كتب الزبيدي كتاب " لحن العامة " إذ يقول في مقدمة هذا الكتاب " وكان الذي دعانا إلى تأليف هذا الكتاب ما أملناه إلى المولى الإمام الفاضل والخليفة العادل الذي لا إمام في الأرض غيره، ولا خليفة لله على الخلق سواه، الحكم المستنصر أمير المؤمنين وسيد المسلمين محيي العلم وراعيه، الراسخ في فنونه، الموفي على دقيقه وجليله، المشرف له ولحامليه، الحافظ لهم والذاب عنهم " (٢) .

وقد شجع الحكم أيضاً التأليف في الفقه والحديث، فعهد إلى يعيش ابن سعيد بن محمد الوراق بتأليف مسند حديث ابن الأحمر وكان قد سمعه من صاحبه (٣) وجمع له ابن المكوي بالتعاون مع المعيطي كتابا سمياه " الاستيعاب " من مائة جزء، جمعا فيه رأي مالك وأقاويله، فسر بذلك ووصلهما وقدمهما إلى الشورى في أيام القاضي محمد بن إسحاق السليم (٤)


(١) طبقات الزبيدي: ٩ - ١٠.
(٢) لحن العامة: الورقة ٣.
(٣) الجذوة: ٣٦٤.
(٤) الصلة: ٣٨، وانظر الجذوة: ١٢٤. فان الحميدي يذهب إلى انهما كتباه للمنصور ابن أبي عامر.

<<  <   >  >>