للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأمر من بوب له مستخرجة العتبي، في الحديث، وهي مجموعة كثر فيها مؤلفها من الروايات المطروحة والمسائل الغريبة الشاذة (١) ولم ينس أمر التعليم فاتخذ المؤدبين ليعلموا أولاد الضعفاء والمساكين القرآن وانشأ لذلك حول المسجد الجامع وفي ارباض قرطبة سبعة وعشرين مكتبا وأجرى عليهم المرتبات، وعهد إليهم الاجتهاد والنصح ابتغاء وجه الله العظيم (٢) . وفي ظل هذا التسامح الذي أشاعه الحكم استطاع الأندلسيين ان يدرسوا الفلسفة والمنطق، وكان كل من درسهما قبل عهد الحكم مذموما ملحدا خارجا عن الملة في نظر الناس وممن اتجه إلى هذا النوع من الدراسة ملحان الذي كان ذا نظر في حد المنطق كثير المطالعة لكتب الفلسفة (٣) وكذلك كان ادريس بن ميتم بصيرا بحد المنطق كثير المطالعة لكتب الأوائل حاذقا بعلم الحساب والتنجيم (٤) . أما محمد بن يحيى الرباحي فانه كان طالع كتب أهل الكلام ونظر في المنطقيات فأحكمها الا انه كان لا يتقلد مذهبا من مذاهب المتكلمين ولا يقود أصلا من أصولهم، إنما كان يقول على ما يميل إليه في الوقت ويؤثر في الحضرة (٥) وممن عرف بالدراسات المنطقية والفلسفية في هذه الفترة ابن حفصون (٦) ومحمد بن عبدون الجبلي الذي درس على أبي سليمان المنطقي ببغداد، وغيرهما. ولكنا لا نرى أحدا من هؤلاء يؤلف في المنطق أو في الفلسفة، وكل جهدهم فيها هو الاطلاع والنظر، على عكس الحال في الطب والهندسة والفلك والحساب، وهي التي كان الأندلسيين لا يستنكرونها، ففيها


(١) ابن الفرضي ٢: ٧٦، ٨.
(٢) ابن عذاري ٢ك ٣٥٨.
(٣) الزبيدي: ٣٢٧.
(٤) الزبيدي: ٣٣٢.
(٥) الزبيدي: ٣٣٦.
(٦) ابن أبي أصيبعة ٢: ٤٦.

<<  <   >  >>