تقدم ومشاركة في التأليف وبخاصة الهندسة على يد أبي القاسم المرجيطي (- ٣٩٨) الذي كان إمام الرياضيين في وقته واعلم من كان قبله بعلم الأفلاك، وشغف بتفهم كتاب المجسطي وعلم العدد، وعلى يده تخرج كثير من التلامذة، ومنهم ابن السمح وابن الصفار والزهراوي والكرماني، ولكل منهم مؤلفات ذكرها القاضي صاعد وابن أبي اصيبعة، وليس من خطة كتابنا هذا ان نقف للحديث عنها في هذا المقام.
مذهب ابن مسرة
وربما مد التسامح ظله أيضاً على الناحية المذهبية، ولم يتسع صدر الأندلس من قبل لغير مذاهب أهل السنة وخاصة مذهب مالك، ولشيء يسير من القول بالقدر، ولكن في أوائل القرن الرابع كان هناك مذهب جديد آخذ بالتكون في شيء من السرية والحذر، ولعل هذا التسامح الذي جاء به الحكم قد شجعه على الاستعلان، وشجع معتنقيه على الظهور، ذلك هو مذهب ابن مسرة؟ فمن هو منشئ هذا المذهب وما حدوده وما مدى انتشاره في الأندلس؟
مؤسس هذا المذهب هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن مسرة بن نجيح الجبلي، قرطبي ولد سنة ٢٩٩هـ وتتلمذ على أبيه ومحمد بن وضاح الخشبي. وفي أواخر أيام الأمير عبد الله؟ أي سنة ٣١١ على التحديد - خرج إلى المشرق فارا بنفسه، لأنه اتهم بالزندقة، ودخل القيروان فلبث فيها مدة، وهناك رآه الخثني في مجلس أستاذه أبي جعفر احمد بن نصر أحد تلامذة سحنون، قال الخشبي: " فسلم وجلس جانبا، وأنا لا اعرفه، ولا أحد من المجلس، فرأيته يقلب بصره في وجوه المتكلمين، ويديل النظر فيما بينهم، فعل من قد رسخ في الصنعة، وعرف ما نحن فيه، فلم اشك انه من أهل العلم. وما فطن بذلك منه غيري، وغير فتى من أصحابي يعرف بربيع القطان، وطال المجلس بنا على تلك الحال