للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بكتاب أبي السري الذي ألف في أيام هارون الرشيد، ودخل عليه حسان بن أبي عبدة ذات يوم فلما رأى إعجابه بكتاب السري ألف له كتابا سماه " ربيعة وعقيل " وصفه ابن حزم بقوله " وهو من أملح ما ألف في هذا المعنى " (١) .

ولم يكن عبد الملك كأبيه ولا مقاربا له بأي حال في تذوق الأدب وتقديره وتمييز جيده من رديئه، فقرب إليه الجلالقة والبرابرة، قال ابن حيان: " إلا انه مع زهده في الأدب تمسك بمن كان استخلصه أبوه من طبقات أهل المعرفة من خطيب وشاعر ونديم وشطرنجي ومعدل وتاريخي وغيرهم حفظا لصنائع والده وقياما برسومه، فقررهم على مراتبهم، ولم ينقصهم سوى الفوز بخصوصيته، وكانت ترفع إليه بطائق أهل الشعر ويصلهم، على تساهلهم في مديحه لأمانتهم من نظره فيها، وأحرز لهم مع الفائدة عفو القريحة، وذلك بين لمن تأمله في أشعار مادحيه لفتورها " (٢) والحق ان الشعر من حيث الإنشاد كانوا في أيامه فريقين: فريق رسمه إنشاد الشعر بين يديه وفريق يرفع إليه القصائد ولا ينشدها (٣) وكلهم ينال من جوائزه ولكن يبدو ان منزلة الشعراء في أيامه كانت متأخرة عن طبقات معينة. ففي ترتيب الدخول عليه كان يدخل المروانيون ثم القضاة والحكام والفقهاء والعدول ثم وجوه أهل الارباض والأسواق من أهل قرطبة ثم الشعراء والأدباء (٤) . وقد شجع المظفر وصف الأزهار لإعجابه بهذا الفن كثيرا حتى كان يقترح على الشعراء أن ينظموا فيه لكي تغني فيه القيان، وقدم إليه الشعراء كثيرا من المقطعات في وصف مختلف الأزاهير (٥) .

الاتجاه نحو الشعور بالقومية الأندلسية

ويستشف من كل ما تقدم في وصف هذه النهضة العلمية الأدبية أن الأندلس


(١) الجذوة: ١٨٤
(٢) الذخيرة: ٤/١: ٦٠
(٣) ابن عذاري ٣: ٩
(٤) المصدر السابق
(٥) ابن عذاري ٣: ١٨

<<  <   >  >>