للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فلم يسله ذلك عنها وهام بها دهرا (١) ، ومنهم أيضاً الوزير احمد بن عبد الملك بن شهيد، وجهور بن عبيد الله بن أبي عبدة وكان شاعرا مكثرا (٢) وجعفر بن عثمان المصحفي، والمنصور بن أبي عامر، وغيرهم مما يقصر دونهم العد. ولسنا نميزهم بشيء في هذا المقام، فان مراكزهم الاجتماعية ومنازلهم السياسية، وان كانت ذات اثر في شعرهم، وفي تقدير الناس له، لا تقوم بينهم مقام الرابطة الفنية، إذ ليسوا هم أهل مدرسة أو مذهب خاص، ولكن هكذا نظر الأندلسيون إلى شعرهم حين صنفوه، واهتموا؟ كما فعل ابن سعيد في المغرب - بتدريج الشعراء حسب المقامات الاجتماعية. على أن الإشارة إليهم في هذا السياق قد توضح مدى التجاوب بين الشعراء والطبقات الحاكمة بما ينتج أثرا في التحمس للشعر والتهيؤ له، وقد تدل على أن الشعر كان من العناصر التي تقدم المرء في الحياة السياسية، وترقى به إلى المناصب الرفيعة.

٢ا - لشعر يمثل آلام السجن

وصدر جانب كبير من الشعر عما قد نسميه " مشاعر السجناء "؛ فان عقوبة السجن قد طبقت على جم غفير من هؤلاء الشعراء، في هذه الفترة، وربما لم يكن هذا وليد جور شاذ، ولكنه نتيجة للصراع السياسي، واشتراك الشاعر في الحياة السياسية وتقلباتها، وامتزاج السياسة والشعر في شخصية واحدة، واضطراب حبل الأهواء من حال إلى حال، في فترات متقاربة، والأمثلة على ذلك كثيرة، ولكن استعراض بعضها يوضح جانبا هاما من الدوافع النفسية الصادقة في إنشاء هذا الشعر الأندلسي:

حبس هاشم بن عبد العزيز لأشياء حقدها المنذر بن محمد عليه، بعد ان كان الحاجب المقدم في زمان أبيه، ثم اخرج بعد زمن وضرب


(١) الحلة، الورقة: ٤٥.
(٢) الحلة: ١٢٠.

<<  <   >  >>