للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وما للنفس إلا حيث يجعلها الفتى ... فان طمعت تاقت وإلا تسلت

وكانت على الأيام نفسي عزيزة ... فلما رأت صبري على الذل ذلت

وقلت لها يا نفس موتي كريمة ... فقد كانت الدنيا لنا ثم ولت وحبس عبد الملك بن إدريس الجزيري الكاتب الشاعر، ومن مشهور ما صدر عنه وهو في السجن قصيدة له في الآداب والسنة، كتب بها إلى بنيه (أو إلى ابنه عبد الرحمن) (١) ، مطلعها:

ألوى بعزم تجلدي وتصبري ... نأي الأحبة واعتياد تذكري ويذكر فيها كيف فقد صبره، وذهب سروره وتلذذه بالعيش ويتشوق إلى ابنه الأصغر، ويتذكر ساعة فراقه فيقول:

عجبا لقلبي يوم راعتنا النوى ... ودنا وداعك كيف لم يتفطر

ما خلتني أبقى خلافك ساعة ... لولا السكون إلى أخيك الأكبر ومنها في النصائح والأمور التعليمية:

واعلم بأن العلم أرفع رتبة ... وأجل مكتسب وأسنى مفخر

فاسلك سبيل المقتنين له تسد ... ان السيادة تقتنى بالدفتر

والعالم المدعو حبرا إنما ... سماه باسم الحبر حمل المحبر

والعلم ليس بنافع أربابه ... ما لم يفد عملا وحسن تصبر ومنها أيضاً:

واخزن لسانك واحترس من نطقه ... واحذر بوادر غيه ثم احذر

واصفح عن العوراء ان قيلت وعد ... بالحلم منك على السفيه المعور

وكل المسيء إلى أساءته ولا ... تتعقب الباغي ببغيء، تنصر

واذا سئلت فجد وان قل الجدى ... جهد المقل إزاء جهد المكثر وانما أعرض هذه الأمثلة لأنها تدل على الجوانب التي أيقظها السجن


(١) انظر الجذوة: ٢٦١، ويتيمة الدهر ١: ٤٣٧. وقد وجدت هذه القصيدة إقبالاً كثيرا من الأندلسيين وميزها بعضهم بأنها من مروياته. انظر التكملة: ٢٣١ وفهرسة ابن خير: ٤١٠.

<<  <   >  >>