للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أقام كرجع الطرف يشف غلة ... ولم يرو مشتاق الجوانح شائقه

فما كان إلا الطيف زار مسلما ... فسر ملاقيه وسيء مفارقه

على الورد من إلف التصابي تحية ... وان صرمت إلف التصابي علائقه وقد يستعيضون عن طلب الاستطراف في الصور بتصوير المبالغة في حب الزهور كقول احدهم (١) :

صاحبي إن كنت ترغب حجا ... طف بعرش الياسمين مليا

واستلم أركانه فهو حج ... ليس يخطيه القبول لديا أو كقول آخر في وصف الياسمين ومبلغ حبه له (٢) :

ولو سقيته من ماء وجهي ... لما وفيته ما يستحق

ولا يخطئ الناظر في هذا الفن ... كيف أكثر الأندلسيون من وصف الطبيعة في مقدمات قصائدهم مستعيضين به عن الغزل، وكيف أن إعلاءهم من شأن الورد بين الأزهار يلفت النظر حقا. وقد ذكرت من قبل كيف ان شعراء الأندلس أكثروا من القول في الأزهار في أيام عبد الملك المظفر باقتراح منه، فوصفوا الآس والريحان والنرجس والبنفسج والخيري والورد والسوسن، فقال صاعد في الخيري:

قد نعمنا في دولة المنثور ... ووصلنا صغيرنا بالكبير

وسألناه لم تضوعت ليلا ... قال: فتك الشجعان بالديجور

وقرنا احمراره باصفرار ... فعجبنا من لطف صنع القدير

ما علمنا الياقوت للشم حتى ... نفحتنا روائح المنثور

حاجب الملك لا عداك بشير ... بفتوح أو قام بسرور وقال ابن دراج في الورد:

ضحك الزمان لنا فهاك وهاته ... أو ما رأيت الورد في شجراته

وقد جاء بالنارنج من أغصانه ... وبخجلة المعشوق من وجناته


(١) الجذوة: ٨٤.
(٢) الجذوة: ١١٩.

<<  <   >  >>