للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وكساه مولانا غلائل سندس ... (١) يوما يسر بله دماء عداته الشعر والتاريخ

ومن المظاهر الكبرى في شعر في هذه الفترة صلته بالتاريخ لإحساس الناس حاكمين ومحكومين انهم يصنعون تاريخا يستحق التخليد، وما ذلك الا من طبيعة أوضاع الأندلس نفسها الممثلة في صراع مستمر، داخلي وخارجي، فأما الصراع الخارجي، فهو الغزوات والمرابطة والجهاد في الثغور، وأما الصراع الداخلي فهو ما يسمى بالفتن وثورات الطامحين والمنشقين عن طاعة قرطبة، ويكفي أن يراجع القارئ كتابا في التاريخ الأندلسي حتى يجد فيه التاريخ مرتبا على حسب سنوات الغزو، وقد أربى المنصور بن أبي عامر في هذا على كل مجاهد قبله حين غزا نيفا وخمسين غزوة، وذهب ابنه عبد الملك في سبع غزوات وهكذا.

ومن أوليات صور هذا التخليد اتجاه الشعراء؟ منذ عهد مبكر - إلى نظم الأراجيز التاريخية، ومن ذلك أن يحيى بن حكم الغزال نظم في فتح الأندلس أرجوزة حسنة مطولة ذكر فيها السبب في غزوها وتفصيل الوقائع بين المسلمين وأهلها وعداد الأمراء عليها وأسماءهم (٢) ولتمام بن عامر الثقفي أرجوزة في ذكر افتتاح الأندلس وتسميته ولاتها والخلفاء فيها ووصف حروبها من وقت دخول طارق بن زياد إلى آخر أيام الأمير عبد الرحمن بن الحكم (٣) . ونظم ابن عبد ربه أرجوزة في غزوات الإمام عبد الرحمن الناصر من سنة ٣٠١ - ٣٢٢ (٤) وهي مدرجة في كتاب العقد. وفي أيام المنصور بن أبي عامر، اصبح نظم التاريخ وظيفة لها قيم خاص،


(١) ابن عذاري ٣: ١٨ - ٢١.
(٢) النفح ١: ١٣٣، ٢: ٧٧٧.
(٣) الحلة السيراء: ٤١.
(٤) ابن عذاري ٢: ٣٣٦.

<<  <   >  >>