للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقد قلد هذه الوظيفة حينئذ ابن المشاط الرعيني القرطبي فجمع في نظم التاريخ كتاب " الباهر "، وهو كتاب هلك في النهب في نكبة العامريين (١) .

وكان الشاعر رفيق الأمير أو الخليفة في الجهاد، وبلغ الأمر بالمنذر أنه كان يستمع إلى الشعراء ينشدونه غازيا وراجعا (٢) . وإذا تصورنا كثرة الغزوات في مدى هذه الفترة لاح لنا مبلغ الشعر الذي مزج بين المدح ووصف المعارك والإشادة بالانتصارات وتبرير الانكسارات، والتمثيل على هذا الفن هو نوع من الاستئناس ببعض النماذج الأندلسية.

فمن ذلك غزوة وادي سليط وهي من أمهات الوقائع في أيام الأمير محمد وفيها يقول عباس بن فرناس (٣) :

ومؤتلف الأصوات مختلف الزحف ... لهوم الفلا عبل القبائل ملتف

إذا أومضت فيه الصوارم خلتها ... بروقا تراءى في الغمام وتستخفي

كأن ذرى الأعلام في ميلانها ... قراقير قي يم عجزن عن القذف وفيها يقول العتبي (٤) :

سائل عن الثغر الصوارم تصدق ... واستنطق السمر العوالي تنطق

تركت وقائع في الثغور وقد غدت ... مثلا بكل مغرب ومشرق

وأداخ أهل المشركين بوقعة ... تركتهم مثل الأشاء المحرق

جاءت عليهم حربه بصواعق ... تركتهم مثل الرماد الأزرق


(١) الصلة: ٢٩٦، وقد تكون كلمة " نظم " هنا بمعنى " تنظيم " وترتيب وحينئذ فلا قيمة لهذا الاستنتاج المثبت هنا.
(٢) ابن عذاري ٢: ١٨٠.
(٣) ابن عذاري ٢: ١٦٦.
(٤) ابن عذاري ٢: ١٦٩.

<<  <   >  >>