للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويقول صاعد مهنئا المنصور وقد غزا سنة ٣٩٠ في صائفة، وكانت من أشد غزواته وأصعبها مقاما، وتعرف بغزوة جربيرة (١) :

جددت شكري للهوى المتجدد ... وعهدت عندك منه ما لم يعهد

اليوم عاش الدين وابتدأ الهدى ... غضا وعاد الملك عذب المورد

ووقفت في ثاني حنين وقفة ... فرأيت صنع الله يؤخذ باليد

من وفاته بدر وأدرك عمره ... جربير فهو من الرعيل الأسعد

فوددت لو حتم القضاء بأنني ... في القوم أول طالع مستشهد

ما أستكين لروعة، ومحمد ... وبنوه أنصار النبي محمد

عهدي به، والله ينظر صبره ... والموت بين مصوب ومصعد

غطى عليه المشركون فلم يكن ... في القوم إلا صخرة في فدفد

حتى تحصن بالملائكة التي ... حفته بين معفر ومردد ويلحق بهذا اللون من الشعر وصف القلاع الحصينة والحرب البحرية ضد المجوس، ووصف الاحتفالات الباهرة عند استقبال الوفود والرسل، وكثير مما يتصل بحياة البلاط.

أما الأحداث الداخلية فالمشهورة منها كثير، والشعر الذي أثارته غزير كذلك، فمنها وقعة الربض التي أوقع الحكم بناس من أهل قرطبة ثاروا عليه (١٨٩) و (٢٠٢) وللحكم نفسه في هذه الواقعة شعر كثير يبرر به ما قام به من قتل وتشريد، كقوله:

ولما تساقينا سجال حروبنا ... سقيتهم سما من الموت ناقعا

وهل زدت ان وفيتهم صاع قرضهم ... فوافوا منايا قدرت ومصارعا

فهاك بلادي إنني قد تركتها ... مهادا ولم أترك عليها منازعا واكبر ثائر كاد يعجز الأمويين هو عمر بن حفصون زعيم العجم، وقد دامت فتنته هو وابناؤه اثنين وخمسين سنة، وكان يتحصن بمدينة


(١) أعمال الأعلام: ٧٢ - ٧٣.

<<  <   >  >>