ببشتر وأطاعه اكثر بلاد الموسطة بين رية والخضراء والبيرة، وخرجت جيوش قرطبة لإخضاعه مرات عديدة، ولم يتمكن الأمويون من القضاء عليه، إلا في زمن عبد الرحمن الناصر، وقد غزاه الأمير عبد الله في إحدى المرات وانتصر عليه فقال في ذلك ابن عبد ربه:
رام ابن حفصون النجاة فلم يسر ... والسيف طالبه فليس بناج
ما زال يلقح كل حرب حائل ... فالآن أنتجها بشر نتاج
ركبوا الفرار بعصبة قد جربوا ... غب السرى وخوافت الإدراج
وإذا سألتهم موالي من هم ... قالوا: موالي كل ليل داج وهذا باب متسع، تخصص فيه الشعراء الملتصقون بالخلفاء والأمراء، كإبن عبد ربه والعتبي والعكي وابن الشمر وعباس بن فرناس وكثير من الملتقين حول المنصور بن أبي عامر، وكانت فتنة المستعين التي انقضت بها الخلافة الأموية من أشد هذه الأحداث الداخلية أثرا في الأدب، وسنفرد لها فصلا خاصا.
٥ - وقفة الشعر مع العصبية
وهذا اللون من الشعر صورة من النقائض المشرقية وهو يمثل الصراع الأدبي بين العرب والمولدين، إلى جانب الصراع السياسي، وفيه في الجانب العربي الفخر بالقبيلة، وكان شعراء العرب هم قادتهم مثل سوار بن حمدون القيسي الثائر بناحية البراجلة، وقد انتضمت إليه بيوتات العرب من كورة البيرة وجيان ورية وغيرها فتغلب على المولدين، وافتخر بنصره وامتداد سلطانه وبقومه قيس في قصيدة طويلة أولها:
حرم الغواني يا هنيد مودتي ... إذ شاب مفرق لمتي وقذالي ثم وجه سوار همته إلى محاربة ابن حفصون واتباعه وانتصر عليهم في وقعة المدينة، وكان صاحب سعيد بن جودي أحد الشعراء الذين تمدحوا بذلك الانتصار فقال: